ولنأت قبله بمثال وهو أنه لو كان زيد مديونا لعمرو وأردت أنت ان تؤدى دينه يتصور ذلك على وجهين : الأول ان تعطى ذلك المال عمرا بعنوان إفراغ ذمة زيد لا بعنوان أخر لأن أداء الدين قصدي من دون ان يكون هناك قصد وتنزيل لنفس المؤدى منزلة المديون . الثاني ان تعطيه إياه مع قصدين : أحدهما قصد انه أداء لدينه وثانيهما ان هذا الإعطاء بمنزلة إعطاء المديون وانه بمنزلته في هذا الفعل . والقصد الأول مثل ان يكون شيء في مكان تريد ان تفرغ ذلك المكان عن ذلك الشيء الشاغل له وحيث ان الدين في ذمة المديون تقصد بالأداء إفراغ ذمته عما شغلها بخلاف القصد الثاني فإنه عناية أخرى . وإذا ثبت جواز انفكاك كل منهما عن الأخر ظهر انه لا اتجاه لما أورده صاحب المدارك من انه لا وجه للجمع بينهما لأن الثاني مغن عن الأول إذ يمكن التفات المصنف الى ما وقع في اخبار النيابة من ان النائب يحج عن المنوب عنه ونحو قوله « ليحجن عنه » وأمثال ذلك وان كان استظهار قصد النيابة لمكان لفظة « عن » لا يخلو عن التأمل لأن المتبادر من هذه التعابير عرفا هو الاجتزاء بمجرد القصد الأول وهو كونه عن الغير فلا يلزم قصد ان هذا الفعل أيضا بمثابة فعل الغير . ثم انه لا يلزم ذكر المنوب عنه بالاسم الا ندبا ولم يقل بوجوبه أحد فليذكر اسمه ندبا في مواطن خاصة أشير إليها في النصوص . وما ورد من جواز قصد غير واحد بان يقصد كونه - الى ذلك الحج - عن عشرة من أقرباؤه مثلا لا ينافي لزوم تعيين المنوب عنه فان الظاهر انهم مشتركون في الثواب لا ان العمل الشخصي الخارجي لهؤلاء العشرة الا على نحو الاشتراك في العمل مبعضا كان يبنى المسجد الواحد جماعة بالمعاضدة فيشتركون عملا وثوابا لا ان العمل بوحدته لهذا وبتمامه لذاك وهكذا بخلاف العكس وهو نيابة عشرة من النواب عن رجل واحد إذ ليس منع التعدد في العام الواحد إلا لأجل عدم استطاعة الشخص الواحد