ولو تنزلنا أيضا ، والتزمنا بأن المقدر خصوص التصرفات الحسية ، إلا أن إلغاء الخصوصية عن ذلك قطعي عند العقلاء ، أترى أنه لو عرضت هذه الرواية على العقلاء فإنهم يرون عدم جواز تصرف أحد في مال الغير ، من الأكل والشرب واللبس وغيرها ، وأما لو باع ذلك المال للزم على المالك الوفاء به وتسليم المال إلى المشتري ، بدعوى أنه لا دلالة في الرواية على عدم جواز هذا النحو من التصرف . فعلى جميع التقادير دلالة الرواية على عدم نفوذ الفسخ تامة . وقد ظهر بهذا البيان أن التوقيع الشريف - وهو لا يجوز لأحد التصرف في مال غيره إلا بإذنه ( 1 ) - أيضا من أدلة المقام ، ولو صرح فيه بلفظ التصرف ، فضلا عن عدم كونه دليلا على الخلاف ، كما توهم . وقد يستشكل في الموثقة : بأن الحل فيها تكليفي بقرينة المورد ، وهو رد الأمانة إلى أهلها ، وبقرينة الدم المذكور فيها ( 2 ) . ولكن ظهر الجواب عنه مما مر ، فإنه بعد ما علم أن التكليف والوضع خارجان عن مدلول الحل ، والمورد غير مخصص للكبرى الكلية الملقاة تعليلا للحكم في ذلك المورد ، وعدم المنافاة بين استفادة التكليف في الدم من المقام واستعمال الحل في معناه الحقيقي ، يندفع الاشكال بالكلية . ويظهر من تطبيق التعليل - وهو عدم حلية المال - على المورد - وهو ترك رد الأمانة - أن ترك الرد مما لا يحل ، مع أنه ليس من التصرفات الحسية . فالرواية أيضا شاهدة على أن الممنوع مطلق التصرف ، حسيا كان أو غيره .
1 - كمال الدين : 521 ، الاحتجاج 2 : 559 ، وسائل الشيعة 6 : 377 ، كتاب الخمس ، أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ، الباب 3 ، الحديث 6 ، وسائل الشيعة 17 : 309 ، كتاب الغصب ، أبواب الغصب ، الباب 1 ، الحديث 4 . 2 - أنظر حاشية المكاسب ، الأصفهاني 2 : 9 / سطر 25 .