التنبيه الثالث في اعتبار عدم سبق الرد في الإجازة ذكر الشيخ ( رحمه الله ) : أن من شروط الإجازة أن لا يسبقها الرد ، وأفاد في وجه ذلك : إن الإجازة تجعل المجيز أحد طرفي العقد ، وإلا لم يكن مكلفا بالوفاء بالعقد ، لما عرفت من أن وجوب الوفاء إنما هو في حق العاقدين أو من قام مقامهما ، وقد تقرر : أن من شروط الصيغة أن لا يحصل بين طرفي العقد ما يسقطهما عن صدق العقد ، الذي هو في معنى المعاهدة ( 1 ) . أما ما أفاده في الرد قبل القبول ، فإنما يتم بالنسبة إلى رد الموجب فقط ، بناء على كون حقيقة الانشاء الإرادة المظهرة ، أو كون معنى العقد التعاهد النفساني ، كما ذكر في أخير كلامه . وأما على المبنى الصحيح من كون الانشاء هو الايجاد اعتبارا ، والبيع نفس المبادلة الانشائية ، والعقد هو الربط الخارجي الاعتباري ، فلا يتم ذلك حتى في الموجب ، وأما في القابل فلا يتم حتى على المبنيين المتقدمين . والوجه في ما ذكرنا : أنه لو قلنا بأن الانشاء هو الإرادة المظهرة ، أو أن العقد في معنى المعاهدة ، فرد الموجب يوجب هدم إرادته وعهده النفسي ، فلم يبق شئ يقبله القابل ، وأما رد القابل - على هذا المبنى - فغير دخيل في الإرادة المظهرة والتعاهد النفسي من الموجب ، فيحتاج الالتزام بهادميته إلى الاثبات . وأما لو قلنا بأن العقد والانشاء هما من المعاني المنشئة الايجادية ، فهادمية رد الموجب تحتاج