فأعتقه عنه ، فيحتمل أن يكون قوله ذلك استيهابا من المالك أولا والأمر بالعتق بعده ، وأن يكون إنشاء المالك إنشاء للهبة والعتق معا على حسب الأمر الأول . ففي هذا الفرض لا يعقل إنشاء المالك للأمرين معا ، فإن الملكية والعتق مترتبان ، أحدهما موضوع للآخر ، فلا بد من تحقق الملكية أولا ثم العتق بعده ، فلو أنشأ الملكية والعتق معا فلا بد من تحقق الملكية أولا ، وبعده يحتاج العتق إلى إنشاء جديد . والحاصل : أن الأمرين المترتبين - أحدهما في طول الآخر - لا يعقل إنشاؤهما بإنشاء واحد ( 1 ) ، فإنه بعد تحقق الموضوع بهذا الانشاء يحتاج تحقق الحكم إلى إنشاء مفقود . ويحتمل أن يكون قوله ذلك إنشاء للتملك فضولا ، والمالك بإنشائه يجيز ذلك أولا ويعتق بعده . ففي هذا الفرض يحتمل في المنشئ الأول إنشاؤه التملك فقط ، ويحتمل إنشاء ذلك والأمر بالعتق معا ، وأيضا يحتمل في المنشئ الثاني إجازة التملك أولا ثم العتق ، ويحتمل إنشاؤهما معا كما هو الفرض ، فرض تعدد الانشاء خارج عن محل البحث . وعليه وإن أمكن القول بأن إنشاء المجيز قابل للأمرين معا ، فإن إنشاءه بمجرد النطق بأول جزئه ، يكشف عن رضاه بإنشاء الأمر التملك ، وبتمام إنشائه يتحقق العتق ، ولا بأس بذلك ، فإن الإجازة لا تحتاج إلى الانشاء ، بل مجرد اظهار
1 - أقول : لو سلم إمكان إنشاء الأمرين العرضيين بإنشاء واحد ، فلا مانع من إنشاء المترتبين بذلك ، فإن ترتب أحد المنشأين على الآخر لا يقتضي ترتب إنشائهما ، بل المنشئ ينشئهما معا ، غاية الأمر لا يتحقق الحكم المنشأ إلا بعد تحقق الموضوع المنشأ . وبالجملة : الترتب بين المنشأين ، لا الانشائين حتى يقال : لا يمكن وجودهما بإنشاء واحد . المقرر دامت بركاته .