الرضا من المجيز كاف فيها . فلا يرد الاشكال العقلي المتقدم في ذلك ، إلا أن الأمر بالعتق لو كان نظره إلى إنشاء التملك فقط ، وقلنا بجواز هذا الانشاء بالكناية ، فإنشاء المجيز العتق فضولي ، فإنه بإجازته يملك الأمر ، فالعتق يحصل من ملكه بلا أمر منه جدا ، وهذا خارج عن مفروض كلامنا . ولو كان نظره إلى إنشاء التملك والأمر بالعتق معا ، فالاشكال وإن كان مندفعا عن إنشاء المجيز ، إلا أن جمع الأمر بين الأمرين مشكل ، لعدم إمكان الجمع بالدلالة المطابقية ، وأما الجمع بينهما بالدلالة الالتزامية والمطابقية ، بحيث يريد جدا إنشاء الملكية والأمر بالعتق معا ، فهذا لا يمكن ، فإنهما مترتبان كما ذكرنا ( 1 ) . مع أن إنشاء الملكية غير ممكن بالدلالة الالتزامية ، فإن الدلالة الالتزامية دلالة المعنى على لازمه ، لا دلالة اللفظ على لازم معناه ، كما مر بيانه ( 2 ) ، فلا يمكن تصحيح العتق على النحو المذكور بوجه . وأما سائر الأمثلة فتغاير المثال السابق ، فلو قال : أعتق عبدي عنك فهو في معنى تمليكه العبد للعتق ، والمعتق بمجرد نطقه بالانشاء يقبل ذلك ، وبتمامه ينشئ العتق ، ولا يلزم أزيد من اظهار الرضا في القبول ، كما ذكرنا سابقا . وهكذا في المثالين الآخرين . هذا تمام الكلام في الأمثلة .
1 - على ما مر : من عدم لزوم الترتيب في الانشاء ، لا يمكن المساعدة على ما أفاده ، بل هنا أظهر من السابق ، فإن الترتيب إنما هو بين واقع الملكية والعتق ، لا الانشائي منهما . نعم ، يرد على ذلك ما أفاده أخيرا على مسلك الحق ، وأما على مسلك المشهور فيرد عليه : عدم إمكان الجمع بين اللحاظين - الآلي والاستقلالي - في لحاظ واحد ، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي وإرادة ذلك والكنائي معا ، مستلزم لذلك . المقرر دامت بركاته . 2 - تقدم في الصفحة 94 و 450 .