ثم إن ما ذكر من أن نتيجة التحريم الفساد ، فلو لم نقل باقتضائه الصحة - كما عن أبي حنيفة والشيباني ( 1 ) - فلا نقول باقتضائه الفساد أيضا ، لعدم الملازمة ، كما برهن عليه في الأصول ( 2 ) ، مضافا إلى أن متعلق النهي التصرف لا البيع ، فيدخل في مسألة الاجتماع ، لا دلالة النهي على الفساد ، وقد ذكرنا مرارا : أنه يكفي في دفع غائلة الاجتماع ، تعدد العنوان وإن لم يوجب ذلك تعدد المعنون ( 3 ) ، فإن مركز تعلق الأمر والاتحاد مختلفان . ولو قلنا بأن النهي متعلق بالبيع ، فأيضا لا يدل على الفساد وإن قلنا بدلالة النهي على الفساد ، فإن مركز تعلق النهي نفس طبيعة البيع والعقد ، وهي سابقة على الوجود ، ومركز تعلق وجوب الوفاء العقد الخارجي والبيع الخارجي ، لا أقول بتعلقه بالفرد بخصوصياته المشخصة له ، بل أقول : نفس طبيعة العقد غير قابلة للوفاء بها ، بل القابل للوفاء هو العقد الخارجي ، وإن كان ذلك موضوعا لوجوب الوفاء بما هو عقد لا غير ، فقد اختلف الموضوعان ، ونتيجة ذلك أن طبيعة العقد منهي عنها ، لكن لو تحققت هذه الطبيعة وجب الوفاء بها ، مضافا إلى أن المنهي عنه فعل الفضولي ، والمكلف بالوفاء المالك بعد إجازته ، وعلى هذا أيضا يختلف الموضوعان ، فلا وجه لتوهم دلالة هذا النهي على الفساد ، وإن قلنا بدلالة النهي في المعاملات على الفساد . وقد عرفت : أنه لا فرق بين تعلق النهي بالأسباب أو المسببات ( 4 ) ، وإن فصل