نعم ، لو لم يكن ناظرا إليه يكون وزانه وزان المقيد المنفصل ، نظير حكومة الأمارات على الأصول . والمقام من قبيل الأول ، فإن دليل رفع ما أكره عليه ناظر إلى الأدلة الأولية للأحكام ، ويشرح موضوعها ، وإنها واردة في غير مورد الاكراه ، فعلى ذلك يصبح العقد الاكراهي بعد الرضا بلا دليل دال على نفوذه ، لاجمال دليل النفوذ بإجمال الحاكم ، وهو حديث الرفع . ولو كان دليل النفوذ عاما ، فقد مر في بعض المباحث السابقة : أن العام وإن كان دالا على تكثير الفرد بنحو العموم ، إلا أن دلالته على عدم تقيد الأفراد بحالة دون حالة بنحو الاطلاق ، ف أكرم العلماء وإن كان دالا على وجوب إكرام كل عالم بنحو العموم ، إلا أن دلالته على عدم اختصاص وجوب الاكرام بما إذا كان العالم في المدرسة ، أو في حال التدريس ، أو في زمان خاص ، أو غير ذلك من الحالات ، إنما هي بالاطلاق ( 1 ) . وذكرنا أيضا : أن هذا الاطلاق تابع للعموم ، فلو ورد تخصيص في العموم لم يوجب ذلك تقييدا في الاطلاق ، لعدم الموضوع للتقييد ، ولو ورد تقييد في هذا الاطلاق لم يوجب تخصيصا في العموم . وهذا ظاهر . وحينئذ ، على الاحتمالين الأولين في الموصول ، يكون دليل الاكراه مقيدا لاطلاق دليل العام بالنسبة إلى حالتي الاكراه وغيره ، فيقيد إطلاق دليل العموم بغير حالة الاكراه ، فيمكن التمسك بدليل العام بعد لحوق الرضا بالعقد المكره عليه ، لزوال حالة الاكراه ، فإن العموم الأفرادي والاطلاق الأحوالي كليهما شاملان له حينئذ . وأما على الاحتمال الأخير فيخصص العام بغير الفرد الواقع عن إكراه ، فلا موضوع للاطلاق والتقييد حينئذ ، فلا يصح العقد بلحوق الرضا به .