والدال على عدم اعتبار قيد في متعلق الأمر في المطلق ، عدم التقييد في مقام البيان ( 1 ) . فلو كان دليل النفوذ مطلقا ، فعلى الاحتمالين الأولين في الموصول يتمسك بالاطلاق لتصحيح عقد المكره بعد حصول الرضا ، لعدم الاكراه حينئذ ، فإن الرفع يدور مدار قيده في الأول وعلته في الثاني ، فلا يصلح حديث الرفع لتقييد دليل النفوذ بنحو لا ينطبق على المقام ، وعلى الاحتمال الثالث لا يمكن التصحيح بالرضا ، فإن دليل النفوذ يقيد بحديث الرفع بغير العقد الواقع عن إكراه ، بحيث يرفع ذات العقد ، فلا يبقى مجال لالحاق الرضا به . ولو شككنا في الاحتمالات في الموصول فيؤول الشك إلى تقييد الزائد والناقص ، ويرجع حينئذ لدفعه إلى أصالة الاطلاق ، فإن المفروض أن دليل القيد منفصل عن دليل المطلق ، إلا أن يقال إن دليل الحاكم وإن كان موافقا لدليل المقيد من حيث إن كلا منهما يقيد المطلق ، إلا أنه يفترق عنه : بأن إجمال دليل المقيد المنفصل لا يسري إلى المطلق ، بخلاف دليل الحاكم ، فإن إجماله يسري إليه في بعض الموارد ، فإن دليل الحاكم لو كان ناظرا إلى دليل المحكوم نظر شرح وتفسير ، فإجمال الشارح والمفسر يرجع إلى المشروح والمفسر لا محالة ( 2 ) .
1 - الظاهر اشتراك العموم والاطلاق من حيث الوضع وجريان مقدمات الحكمة ، وإن كانا متغايرين بحسب المفاد ، فإن مفاد العام تكثير الطبيعة ، ومفاد الاطلاق نفس الطبيعة . لكن كليهما - بحسب الدلالة التصورية - دالان على معناهما بالوضع وبحسب الدلالة التصديقية ، وهو كون العام في الأول والمطلق في الثاني موضوعا للحكم ، يحتاج إلى مقدمة عقلية ، وهو كون المتكلم في مقام البيان ، وعدم ما يوجب رفع اليد عن ظهور الأول في العموم والثاني في الاطلاق . وبعد تمامية ذلك يعلم أن موضوع الحكم في الأول الطبيعة المتكثرة ، وفي الثاني نفس الطبيعة . نعم ، هنا فرق بين العام والمطلق في مقام الاحتجاج : وهو أن المحتج به في العموم بيان التكثير ، وفي المطلق عدم بيان القيد ، وهذا لا يوجب تفاوتا بينهما بما هو المعروف ، من أن دلالة العام بالوضع ودلالة المطلق بمقدمات الحكمة . فتدبر جيدا . المقرر دامت بركاته . 2 - أنظر مناهج الوصول 2 : 246 .