وتشتغل الذمة بالبدل تحقيقا ، فلا بد من مراعاة مكان التلف ، كما يراعى زمانه . ولو قلنا بأن السيرة قائمة على غير ذلك الزمان - كزمان الأخذ مثلا - فليكن كذلك بالنسبة إلى المكان أيضا ، فإن التفصيل بينهما غير موافق لبناء العقلاء جزما . وأما دليل اليد : فمقتضاه اعتبار مكان التلف كزمانه ، كما مر من التقريب . ولو سلم دلالته على غير ذلك فبالنسبة إلى الزمان والمكان سواء ، فلا يدل على التفصيل بينهما . وأما صحيحة أبي ولاد فمقتضاها على ما ذكرناه موافق لمقتضى دليل اليد . وأما على ما استقربه الشيخ ( رحمه الله ) منها من اعتبار يوم المخالفة ، فتدل على اعتبار مكانها أيضا ، لأنه لا خصوصية لليوم قطعا كما مر ، بل الظاهر من الصحيحة أنه لا بد من مراعاة قيمة الشئ حال المخالفة ، وقيمته حال المخالفة - بقول مطلق - هي قيمته في مكان المخالفة . ومن هنا ظهر : أن توجيه التفصيل ، بأن أدلة الضمان بإطلاقها تدل على اعتبار قيمة الشئ في زمان التلف ومكانه ، نخرج عن هذا الاطلاق بصحيحة أبي ولاد ، فإنه نص على أن المعتبر بالنسبة إلى الزمان هو يوم المخالفة ، فالجمع بين تلك الأدلة وهذه الصحيحة يقتضي التفصيل . غير وجيه ، لأن الصحيحة كما تدل على اعتبار قيمة يوم المخالفة - على مبنى المستدل - كذلك تدل على اعتبار قيمة مكانه أيضا ، فبين الطائفتين نحو تعارض لا بد من علاجه ، كتقييد المطلقات بغير الغصب أو البغل . وكيف كان ، فلا وجه لما أفاده الشيخ ( رحمه الله ) من التفصيل بين المكان والزمان ، والحق اعتبار قيمة يوم التلف ومكان التلف ، والدليل عليه عين ما مر في اعتبار قيمة يوم التلف بلا زيادة ولا نقصان . ثم لا يخفى أن ما ذكرناه ، إنما هو في مورد اختلاف القيمة السوقية فقط