بالتقريب المتقدم ( 1 ) . ويمكن أن يقال : إن بناء العقلاء في موارد الاعواز العرفي على مطالبة القيمة أو الصبر حتى يوجد المثل ، يقيد إطلاق الدليلين . ويمكن أن يجاب عنه : بأن بناء العقلاء في نفسه لا حجية له ، بل حجيته من جهة كشفه عن مذاق الشرع إما بإمضائه أو عدم ردعه ، فحجيته تعليقية وحجية الاطلاقين تنجيزية ، فيتمسك بها ، وبذلك يثبت الردع لبناء العقلاء ( 2 ) . ولكن هذا إنما يتم في الدليل الأول ، حيث إن الحكم المجعول فيه - وهو الحلية - حكم شرعي ، وأما الدليل الثاني - وهو سلطنة الناس على أموالهم - وارد مورد ما هو ثابت عند العقلاء ، وما هو هذا شأنه من الأدلة ينصرف إلى ذلك الثابت عند العقلاء ، فلا إطلاق له . وبعبارة أخرى : حيث إن السلطنة المذكورة قانون عقلائي ثابت عندهم ، فلا يفهم العقلاء من دليل السلطنة الوارد في الشريعة المقدسة إلا ذلك القانون العقلائي . والمفروض أن العقلاء بأنفسهم يرون عدم لزوم تحصيل المثل ، فيقدم هذا على ذلك ، لا العكس ، وهذا بخلاف الدليل الأول ، فإنه متكفل ببيان حكم شرعي ، وله إطلاق يتمسك به ، ويثبت به ردع بناء العقلاء ( 3 ) .
1 - تقدم في الصفحة 257 . 2 - حاشية المكاسب ، الأصفهاني 1 : 96 / سطر 13 . 3 - يمكن أن يتوهم : أن رادعية الاطلاق لبناء العقلاء مستلزم للدور ، كما ذكره المرحوم صاحب الكفاية في جواب رادعية إطلاقات نفي حجية الظن لبناء العقلاء على العمل بخبر الواحد ( كفاية الأصول : 348 ) . ولكن أجاب عن ذلك السيد الأستاذ - مد ظله - في ذلك الباب ( أنوار الهداية 1 : 313 و 279 ) وفي المقام بالتنجيز والتعليق ، وبيانه وتفصيل تقريبه يؤخذ من التقريرات ( تهذيب الأصول ) ، المقرر دام عزه .