الأداء بنفس هذا الدليل ، بل الدليل على وجوب الأداء أمر آخر دال على وجوب رد مال الغير إليه . والحاصل : أن إطلاق الدليل يقتضي إطلاق الضمان ، خرجنا عن هذا الاطلاق في الأمانات المالكية صرفا أو انصرافا ، وفي الأمانات الشرعية بالدليل ، فيبقى غير ذلك تحته . ولا ينافي ذلك عدم وجوب الأداء ، فإن كلا منهما أمر مغاير للآخر ، ألا ترى أن أكل مال الغير جائز حال الاضطرار ولو اشتغلت ذمة الأكل به ؟ ! والحاصل : أن إمكان التفكيك بين الضمان ووجوب الأداء في غاية الظهور ، وحينئذ نقول : إن دعواه ( رحمه الله ) القطع بعدم الضمان ، إنما تتم لو تمت إحدى الأمانتين : إما المالكية ، أو الشرعية . أما المالكية فالمفروض عدمها ، لأن الصادر من المالك ليس إلا المعاملة ، وليس له إلا الرضا بها ، وأما كون المال أمانة عند صاحبه ولو مع عدم تحقق مضمون المعاملة ، فغير صادر منه جزما . أما إذا لم يلتفت إلى الحكم ، أو كان ملتفتا ولكن لم يكن مباليا بالشرع ، فظاهر ، وأما مع الالتفات والمبالاة ، فلأن المفروض ثبوت الحكم بالإباحة بالمعاطاة ، لا بأمر آخر . وبعبارة أخرى : إن مقتضى القواعد كون المعاطاة كالبيع بالصيغة ، في حصول الملك واللزوم وسائر الآثار ، لكن قد فرض الاجماع على عدم حصول الملك بالمعاطاة ، بل تحصل بها الإباحة ، لكن هذا - أي حصول الإباحة - موقوف على فرض تحقق المعاطاة ، والملتفت المبالي - مع إنشائه المعاطاة - لا يريد الإباحة ، إلا الإباحة المترتبة على المعاطاة ، لا الإباحة مطلقا ، فرضاه أيضا معاملي ، فليس في البين من الإباحة المالكية عين ولا أثر ، ولذا ذكر هو ( قدس سره ) في المقبوض بالعقد الفاسد : أن كلا من المتعاملين ضامن لمال الآخر ( 1 ) .