ومع تقييد الدليل بخروج عقد في بعض الأزمنة عنه ، لا يوجب ذلك عدم جواز الأخذ بإطلاقه بالنسبة إلى ما عدا ذلك . ثم إن البحث في هذه المسألة مبني على تسليم جواز المعاطاة بإجماع ونحوه ، وإلا فلو قلنا بأنها بيع لازم - كالبيع بالصيغة - فلا موضوع لهذا البحث ، كما هو ظاهر . كلام الشيخ في اللزوم بعد تلف العينين ثم إن الشيخ ( رحمه الله ) ذكر : أنه بناء على القول بالملك في المعاطاة ، لا بد من القول باللزوم بعد تلف العينين بالأدلة الثمانية المتقدمة ( 1 ) ، وليعلم أن موضوع بعض تلك الأدلة المال ، مثل لا يحل مال امرئ مسلم . . . ( 2 ) إلى آخره ، أو يكون المال كالموضوع لبعضها ، ك الناس مسلطون على أموالهم ( 3 ) ، أو يكون موضوع بعضها الملك ، كاستصحاب الملكية مثلا ، مع أن اعتبار المال والملك موقوف على وجود ما يعتبر فيه ، وبعد تلف العينين لا موضوع لذلك أصلا . وما يقال : من إمكان الاعتبار للمعدوم ، كالوقف على البطون المتأخرة ، أو بيع الثمرة المتجددة ، فليمكن ذلك بالمعدوم أيضا . ظهر فساده سابقا ، فإن الوقف أو البيع لم يتعلقا بالمعدوم ، بل الموقوف عليه في الأول ، والمبيع في الثاني ، ليس إلا العناوين الغير القابلة للانطباق إلا بعد وجود المعنون بها ، نظير البيع الكلي ، وإلا فلا يعقل اعتبار شئ للمعدوم ، فكيف باعتباره بالمعدوم ( 4 ) ؟
1 - المكاسب 1 : 90 - 91 . 2 - سنن البيهقي 6 : 100 ، عوالي اللآلي 1 : 222 / 98 ، و 2 : 240 / 6 ، و 3 : 473 / 3 . 3 - تقدم في الصفحة 40 . 4 - قد ذكرنا سابقا : أن مثل الوقف وبيع الثمرة والمنفعة والإجارة وغيرها - مما يكون من هذا القبيل - كلها من التمليك للأمر المتأخر والتمليك فعلي والملكية متأخرة ، نظير الايجاب الفعلي والوجوب المتأخر ، والتفكيك بين التمليك والملكية - كالايجاب والوجوب - ممكن ، فإن قياس الاعتباريات بالتكوينيات ليس في محله . نعم ، اعتبار المال والملك بالمعدوم في ما نحن فيه غير معقول ، ووجهه ظاهر ، ولا يجئ فيه ما ذكرنا في بيع الأمر المتأخر ، كما لا يخفى . المقرر حفظه الله .