دعوى بلا برهان ، بل ملاحظة المعاملات العقلائية تشهد بعدم اعتبار ذلك . والحاصل : أن غاية ما يعتبر في البيع المبادلة بين المالين ، ولو كان أحدهما خارجا من ملك شخص ، وكان الآخر داخلا في ملك شخص آخر . وأما الدليل الشرعي - ولو بقرينة نظائره ك لا طلاق إلا في ملك ( 1 ) - فلا يدل على اعتبار الملك في البيع ، بل غاية ما يدل عليه أن بيع غير السلطان على البيع ليس ببيع ، فلا ينافي ما ذكرناه . وثانيا : يمكن أن يقال : إن إباحة جميع التصرفات - حتى الموقوفة على الملك بالعوض ، بحيث يكون المسلط على التصرفات المباح له فقط ، دون المبيح - ليس أمرا آخر غير الملك بنظر العقلاء . ولو قلنا أيضا بأن المبيح لم يقصد ذلك ، فإن اعتبار المالكية إنما هو من جهة سلطان الشخص على المال سلطنة تامة ، بحيث لا يتمكن غيره من مزاحمته في ذلك ، فإذا تكون التصرفات في الملك . وثالثا : لو قلنا بعدم حصول الملك وصحة تلك التصرفات ، فمعناه وقوع تلك التصرفات في ملك مالكه ، لكنه أباح له ذلك ، فبيعه للمال المباح بيعه للمالك وثمنه أيضا يدخل في ملك المالك ، لكن يجوز للبائع التصرف في هذا الثمن بعد البيع ، كما كان يجوز له التصرف في مثمنه . والحاصل : أنه لا موجب للالتزام بدخول الثمن في ملك المشتري ، حتى يقال بمنافاة ذلك لمقتضى المعاوضة الحقيقية .
1 - سنن أبي داود 1 : 665 / 2190 ، عوالي اللآلي 3 : 205 / 37 ، مستدرك الوسائل 13 : 230 ، كتاب التجارة ، أبواب عقد البيع ، الباب 1 ، الحديث 4 .