فإنه على ما ذكرنا ليس في البين تخصيص ، فضلا عن كثرته . نعم لو قلنا بعدم شمول الرواية لكلام الشارع لزم التخصيص ، وسنبين المراد على هذا التقرير أيضا فيما يأتي إن شاء الله ، لكن إطلاق الرواية يدفعه ( 1 ) . ثم إن الظاهر من الجملة أن الكلام محرم والكلام محلل : إما تكليفا ، كتحليل النكاح وتحريم الطلاق الاستمتاعات ولو بالواسطة ، وهو إيجاد العقلة وإزالتها ، أو وضعا ، كتحليل البيع وتحريم الربا . وأما ما ذكر الشيخ ( رحمه الله ) من المحتملات الأخيرة ( 2 ) فخلاف ظاهرها ، كما لا يخفى على من لاحظها . فالمتحصل مما ذكرنا : أن إطلاق هذه الجملة على تقدير صدورها شامل لكلام الشارع أيضا ، وبذلك يمكن إثبات صحة المعاطاة ، فإن المحلل لها هو كلام الشارع . لا يقال : إن تحليل كلام الشارع وتحريمه مغاير لتحليل كلام غيره وتحريمه ، فإنه في الأول الكلام محلل ومحرم من جهة تشريع الشارع ، ففي الحقيقة إن التشريع محلل ومحرم ، وقد قيل في الأصول : إن التحليل والتحريم غير منحصر بالتشريع والكلام ، فإن العبد إذا علم بغرض المولى ، لزمه تحصيله وإن لم يتكلم به المولى ، ولم يشرع ذلك ، فكيف انحصر المحلل والمحرم في الرواية بالكلام ؟ ! فهذا شاهد على أن الجملة غير شاملة لكلام الشارع ، ولا يخفى أن هذا غير وارد في
1 - أقول : حيث إن ظاهر الرواية أنها في مقام التشريع ، لا الأخبار ، ولا كليهما ، فإن التمسك بها لاثبات الحكم في المورد شاهد على أنه كبرى شرعية ، مضافا إلى أن الأخير مستلزم للجمع بين الانشاء والأخبار في كلام واحد ، وهو إما غير جائز أو خلاف الظاهر ، فكلام الشارع خارج عن مدلولها ، فإن تشريع التحليل والتحريم له غير ممكن ، فإن العقل حاكم على أن كلام الشارع محلل ومحرم ، مضافا إلى أن تشريع الشارع التحليل والتحريم لكلام نفسه لا معنى له ، فليتدبر . المقرر حفظه الله . 2 - المكاسب : 86 / سطر 17 .