المستولي ، فطرفا الاستيلاء موجودان بالفعل ، غاية الأمر أحد طرفيه مستقر الوجود والآخر مستمر الوجود ، وهذا لا يضر بتحقق الاستيلاء . نعم ، هنا فرق بين الاستيلاء على الوجود المستمر والاستيلاء على الوجود المستقر ، في مسألة تعاقب الأيادي على مال الغير ، وهو أن تعاقب الأيادي على الأعيان ممكن ، ولذا يحكم بضمان جميعها لتلك العين . وأما في المنافع فلا يمكن تصوير تعاقب الأيادي على المنفعة الواحدة ، فكل يد ضامنة لما استولت عليه من المنفعة . وأيضا في باب الإجارة لو تلفت العين أثناء مدة الإجارة ، فإنه في فرض فساد الإجارة لم يتحقق الاستيلاء بالنسبة إلى ما بعد التلف من المنافع ، حتى يحكم بضمانها . في تفصيل بعض المحققين في المقام وقد فصل بعض المحققين بين المنافع المستوفاة والفائتة ، فحكم بتحقق الاستيلاء في الأول وعدمه في الثاني ، فإن فعلية المنفعة تتوقف على استيفائها ، وإلا فليست إلا قوة محضة ، وليست نسبة المنفعة إلى العين كنسبة العرض إليها ، بل إنها كنسبة القابل إلى المقبول ، فالركوب - وهو منفعة الدابة - لا يكون قائما بالشخص وإن لم يركب ، وإنما يكون فعليا مع استيفاء ذلك ( 1 ) . ولكن هذا إنما يتم على تقدير تسليم ما ذكره : من أن منفعة الشئ لا تكون فعلية إلا بالاستيفاء ، أما لو قلنا بأن المنفعة هي الجامعة بين مورد الاستيفاء والتفويت فلا ، وهذا هو الصحيح ، فإن منفعة الدابة - مثلا - ليس هو الركوب الفعلي ، وإلا فهو ليس قابلا للاستيفاء ، فإنه المستوفى على الفرض ، فكيف يقبل الاستيفاء ؟ ! بل منفعتها ما يقبل الاستيفاء والتفويت ، وهي الظرفية الخاصة لظهر الدابة ، وكذلك