ثم ان المتقدمين رضوان اللَّه عليهم ذهبوا الى ان الملكية وغيرها من مجعولات الشارع بأجمعها غير الأحكام التكليفية الخمسة وهي المسمى بالأحكام الوضعية منتزعة منها . ( وبيانها ) ان جزئية الركوع والسجود مثلا قد انتزعت من تعلق الأمر بأمور عديدة من جملتها الركوع والسجود ، فحصل من تعلق أمر واحد بجميعها وحدة بينها وصار جميعها شيئا واحدا ذا أجزاء عديدة ومنها الركوع والسجود . وكذا الزوجية ، قد انتزعت من جواز وطى المرأة ، وجواز النظر إلى أمها ، وحرمة نكاحها ، وحرمة الجمع بينها وبين أختها وغيرها من أحكام الزوجية . وكذا الملكية والولاية والقضاوة وغيرها ، فكل منها منتزعة عن عدة أحكام خاصة من غير ان يقع متعلقا للجعل برأسه ومعنى الانتزاع تحقق المنتزع بتحقق منشأ انتزاعه وتبعيتها له وجودا وعدما وشأنية وفعلية وحدوثا وبقاء . ومنه يعلم بطلان كلام بعض المحشين من انتزاع الملكية عن العقد ، فإنه مضافا الى ان العقد سبب لحدوث الملكية والسبب يباين المسبب في الوجود مع ان المنتزع موجود بعين وجود منشأ انتزاعه ، ان وجود الملكية لا تتبع وجود العقد ، فان العقد ينصرم آنا ويفنى فورا ، والملكية تبقى بعد العقد ولا تنفد بنفاده هذا . والمذهب المذكور ، اعنى كون مجعولات الشارع بأجمعها منتزعة من الأحكام التكليفية وان استشكل في إطلاق الحكم الوضعي على جميعها ، قريب من التحقيق ، لو لا التخلف عنه في بعض الموارد ، كالملكية والزوجية والضمان وغيرها مما يحصل للصبي ، مع عدم توجه التكليف اليه قبل البلوغ ، وقد عرفت ان المنتزع لا ينفك المنتزع منه في الوجود والعدم والقوة والفعلية . ومنه يعلم عدم صحة الاعتذار عنه بحصول أحكام الزوجية في حق الصبي شأنا وان كان تتوقف فعليتها على بلوغه ، فإن الزوجية الفعلية الحاصلة للصبي قبل بلوغه غير قابلة للانتزاع عن جملة أحكام شأنية لا تصير فعلية الا بعد البلوغ . ومما يدل على فساد المذهب المذكور ارتكاز الأذهان ، فإنه أدل دليل على