لآخر أسلفني عشرة دنانير إلى شهر وأرد إليك عشرين دينارا فيقول : هذا لا يجوز ولكنّ أبيع منك هذا الحمار بعشرين الى شهر ثمّ أشتريه منك بعشرة نقدا وأمّا في الوجوه الباقية فليس يتهم فيها لأنّه إن اعطى أكثر من الثمن في أقلّ من ذلك الأجل لم يتهم ، وكذلك إن اشتراها بأقلّ من ذلك الثمن إلى أبعد من ذلك الأجل . ومن الحجة لمن رأى هذا الرأي حديث أبي العالية عن عائشة أنّها سمعتها ، وقد قالت لها امرأة كانت أم ولد لزيد بن أرقم : يا أم المؤمنين إنّي بعت لزيد عبدا الى العطاء بثمانمأة فأحتاج إلى ثمنه ، فاشتريته منه قبل محل الأجل بستمائة . فقالت عائشة بئسما شريت وبئسما اشتريت أبلغي زيدا إنّه قد أبطل جهاده مع رسول اللَّه صلَّى الله عليه وآله ان لم يتب . قال : أرأيت إن تركت وأخذت ستمأة دينار ؟ قالت : نعم . فمن جاءته موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وقال الشافعي وأصحابه : لا يثبت حديث عائشة ، وأيضا فإنّ زيدا قد خالفها ، وروي مثل قول الشافعي عن ابن عمر انتهى . أقول : وقد وقع التعرض لها في جملة من رواياتنا وقد عقد لها بابا [1] في الوسائل وذكر في عنوانه « انّ من باع شيئا نسية أو غير نسية جاز أن يشتريه من صاحبه حالا أو مؤجلا بزيادة أو نقيصة إذا لم يشترط ذلك » ، وذكر فيها روايات كثيرة . ومحصل مضامينها إنّه إذا كان المشتري ملزما بشراء ما ابتاعه البائع منه أو من غيره ولم يكن له الخيار في أخذه وتركه كان باطلا لأجل الربا ، وامّا إذا كان له الخيار في أخذه وتركه بعد ما يشتريه صح . وإن ارتكز في أذهان بعضهم من فتاوى العامّة كونها رباء محضا بل قد وقع التصريح في بعضها بأنّه لا بأس به إذا كان له الخيار في الشراء والردّ ، وان أريد به الربا وكان البيع والشراء
[1] الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب 5 من أبواب أحكام العقود .