ومورد الآية « واقعة الحديبيّة » ومجملها انّ رسول اللَّه صلَّى الله عليه وآله أراد أن يدخل مكة في شهر ذي القعدة لأجل الإتيان بمناسك الحج فمنعه كفار مكة فنزلت « الشهر الحرام بالشهر الحرام ، الآية » فحجّ النبي « ص » في شهر ذي القعدة من السنة الاتية فقوله تعالى فمن اعتدى إلخ متفرع على صدر الآية « الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص » فالمعنى انّ الشهر الحرام يدخله القصاص ، ومن اعتدى فيه يجوز قصاصه بمثل ما اعتدى . ولذا لم يتعرض رسول اللَّه « ص » للجهاد معهم في ذلك العام ، بل اقتصر على أداء مناسك الحج ورجع ، لأجل المكافاة والمماثلة لمنعهم عن ذلك . وممّا يشهد لخروج ما نحن فيه عن عموم الآية انّ الخطاب في قوله تعالى « فمن اعتدى عليكم » الى المسلمين فيكون المراد ممن اعتدى غير المسلمين . وممّا يشهد له أيضا تعلق الاعتداء بغير الأموال وهو الأنفس [ 1 ] . هذا كلَّه مضافا الى انّ من المحتمل كون كلمة ما في قوله تعالى « بمثل ما اعتدى » مصدريّة ، فيكون محصله اعتبار المماثلة في المعتدى به . اللهم الَّا ان يثبت اعتبارها بالملازمة أو الإجماع المركب على عدم التفرقة بينه وبين اعتبار المماثلة في أصل الاعتداء . ثمّ انّ مع تسليم ذلك كلَّه والغمض عمّا أوردنا على الاستدلال بالاية ، انّما يثبت بها جواز التقاص عمن تعدى عليه بمثل ما تعدى به ، ولا تثبت به كيفية الضمان الثابت على ذمة المعتدى . وبالجملة التمسك في المقام بالاية يتوقف على تعدية مفادها عن القصاص في الحرم الى مطلق القصاص ، ومنه الى الأموال ، وتنزيل الاعتداء بالمال بمنزلة