نام کتاب : عوائد الأيام نویسنده : المحقق النراقي جلد : 1 صفحه : 449
مع أنه لو سلمنا دلالة الآيات الثلاث على الحرمة ، لدلت على حرمة اتباع الظن ، وهو الحالة النفسانية المسماة برجحان أحد الطرفين ، وحرمة اتباعه لا تدل على حرمة اتباع الخبر الذي هو قول أصلا ، وشتان ما بينهما . ألا ترى أنه يصح أن يقال : لا يجوز للقاضي اتباع ظنه في المرافعات ، ويجب عليه العمل بقول الشاهد ، فإن الظن أمر والخبر أمر آخر . نعم قد يحصل منه الظن ، وحينئذ يكون هو سببا لحصوله . نعم لو كان ينهى عن اتباع مطلق ما يفيد الظن أو كل ما يفيده ، لجاز أن يقال بشموله للخبر ، ولكن النهي إنما هو عن اتباع الظن ، فيمكن أن يكون اتباع بعض ما يفيده حجة لخصوصيته ، أو خصوصية بانضمام إفادته الظن ، أي يتبع الأمران ، فيمكن أن لا يجوز اتباع الظن ، ويجوز اتباع القول ، أو اتباع الظن والقول معا ، لا من حيث إنه ظن ، بل من حيث إنه خبر مثلا ، أو خبر وظن معا . فإن قيل : الكتاب وإن لم يدل على حرمة العمل بالخبر ، إلا أن الأخبار المانعة عن العمل بما ليس بعلم تدل على حرمة العمل بالخبر . وهي وإن لم يثبت حجيتها بعد ، إلا أنه يمكن جعل الاستدلال بها قطعيا ، بأن يقال : لو جاز العمل بالخبر لجاز العمل بهذه الأخبار ، ولو جاز العمل بها لم يجز العمل بخبر ، كلما كان كذلك فهو باطل قطعا ، نظير ما قلناه في نفي حجية مطلق الظن . قلنا أولا : إن هذا إنما يتم لو كان المراد هنا [1] جواز العمل بكل خبر ، وليس كذلك ، بل المراد جواز العمل بالخبر في الجملة ، ولا شك أنه لا يلزم من جواز العمل بالخبر في الجملة جواز العمل بهذه الأخبار المانعة . وثانيا : إنا سلمنا أن المراد إثبات جواز العمل بكل خبر ، ولكن المراد العمل بكل خبر لم يكن مانع من العمل به . ومن الموانع المعارض ضرورة امتناع العمل بالمتعارضين ، وامتناع ترجيح