نام کتاب : عوائد الأيام نویسنده : المحقق النراقي جلد : 1 صفحه : 404
بظن لا دليل قطعيا على المنع منه ؟ فان قلت : لما أثبتنا حجية تلك الظنون ، فإنها تكون أدلة قطعية . قلنا : كان كلامنا أولا معك في ذلك أيضا ، وكنت تقول : لما أثبتنا حجية الظن بالواقع ، فلا نأخذ بهذا الظن ، فلم صارت القضية بالعكس حينئذ ؟ وأيضا أنت أثبت حجية الظن بالواقع قطعا ، فلم تتركه ؟ وأيضا أنت أثبت حجية كل ظن ، فكيف تأخذ بدليل ظني ظن المنع منه ؟ فان قلت : لو دل دليل ظني على المنع من العمل بظن ، لا يبقى الظنان معا ، بل يتعارضان ، ويبقى الأقوى منهما قلنا : ذلك من غرائب الأقوال ، فإنه لو شهد عندك ثلاثة عدول من العلماء الصلحاء بأن رأينا زيدا يزني بهند ، وشاهدناه كالميل في المكحلة ، فلا يحصل لك الظن بزناء زيد ، من جهة أن الشارع نهى عن العمل بشهادة ثلاثة شهود في الزنا ؟ ولو كان كذلك ، فما معنى اللوث في القسامة ؟ وكذا ما معنى ما يقوله الفقهاء في كثير من المواضع : إنه يشترط فيه العلم ، ولا يعتبر الظن ، فإنه يرتفع الظن ؟ ويلزمك أنك إذا قلت باشتراط مضي العمر الطبيعي في الحكم بموت الغائب ، لا يحصل لك الظن بموته أبدا ، بل كنت أبدا إما عالما بحياته أو بموته . و إذا لاحظت آية النبأ لم يحصل لك الظن من خبر الفاسق أبدا ، ومن لا يقول بحجية الشهرة لا يحصل له منها الظن ، وفساد ذلك أظهر من الشمس وأبين من الأمس . وإن كان المراد الاحتمال الثالث ، أي حجية كل ظن لم يكن على المنع منه دليل مطلقا ، لا قطعي ولا ظني ، يلزم منه عدم حجية ظن لم يكن على حجيته بخصوصه دليل ، إذ الآيات الكثيرة ، والأخبار العديدة ، والاجماعات المنقولة صريحة في عدم حجية الظن ، كما ذكرناها في كتبنا المبسوطة ، وهذه أدلة ظنية على عدم حجية كل ظن ، خرج من تحتها ما خرج بالدليل العلمي ، فيبقى الباقي .
404
نام کتاب : عوائد الأيام نویسنده : المحقق النراقي جلد : 1 صفحه : 404