نام کتاب : عوائد الأيام نویسنده : المحقق النراقي جلد : 1 صفحه : 362
وبون بعيد بين حكم الرسول بحكم ، وبين بقائه للجاهل الغير المتمكن من الوصول إليه . الا ترى أن جمعا من العلماء حكموا بمعذورية الجاهل الساذج بالمرة ، و وضعوا عنه الحكم ، وأجمعوا على وضع الحكم عن الجاهل في بعض الموارد ، و ما الضرر في أن الرسول يحكم لشئ بحكم ، وكان هو لمن وصل إليه هذا الحكم بالطريق العلمي ، أو الظن الثابتة حجيته ؟ بل الامر كذلك لا محالة ، ولا حكم لمن لم يصل إليه ، وعبارة ( رفع عن أمتي ) و ( وضع ) صريحة فيه . وقد أجمع جميع العلماء بل صار ضروريا من دين سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم : أن المستضعفين والذين لا خبر لهم عن حكم أصلا معذورون ، ولا يتعلق بهم الحكم . بل لنا ها هنا كلام اخر ، وهو أنه ما أراد بأحكام الله التي أتى بها النبي ( ص ) في كل واقعة بمدلول تلك الأخبار ، ويحكم ببقائها إلى هذا الزمان ؟ فإنه إما يراد : أن لله سبحانه في كل واقعة في حق جميع المكلفين حكما واقعيا واحدا معينا غير متبدل ، هو حكم لجميع المكلفين ، حكم به وقرره ، وهو باق لنا ولغيرنا ، يجب على الكل العمل بهذا الحكم الواحد ، والآتيان به ، و يعاقب تاركه ، والمنحرف عنه أو يراد : أن لله سبحانه في كل واقعة لكل أحد حكما يجب عليه العمل به و إن لم يكن ذلك الحكم معينا ، بل تعيينه منوط بنظر المكلف وسعيه واجتهاده ؟ فان كان المراد الأول : فلا يتفرع عليه وجوب العمل بالظن أصلا ، بل يناقضه ، لأنه إذا وجب العمل بشئ معين ، والآتيان به البتة ، فالمظنون يمكن أن يكون هو ، وأن يكون غيره ، فالاتيان بالمظنون لا يعلم أنه الاتيان بما فرض وجوب الاتيان به البتة ، ومع ذلك هو مخالف لاجماع جميع المسلمين ، إذ معنى وجوب العمل بشئ معين واحد أنه يعاقب بتركه والانحراف عنه ، فلو كان الله سبحانه في كل واقعة ، أو في الجملة لجميع المكلفين حكما معينا واحدا غير ساقط عنهم -
362
نام کتاب : عوائد الأيام نویسنده : المحقق النراقي جلد : 1 صفحه : 362