فلا يسري الفساد منه إليه ، وشروط النكاح من هذا القبيل ، باعتبار أنّ النكاح ليس بمعاوضة محضة ، فيلزم دخول الشرط في أحد العوضين ، بل هو أمر خارج ، فيكون بمعنى الإلزام والالتزام ، ولو اُريد منه معنى الربط فأقصاه منع المهر ، فيقضى بفساد المهر وهو لا يفسد العقد . وهذه الصورة وإن أهملها الأصحاب إلاّ أنّها أحد صور الاشتراط ، ويدلّ على لزوم الوفاء بها إطلاق قولهم ( عليهم السلام ) : « المؤمنون عند شروطهم [1] » ويكون المراد به معنى الإلزام والالتزام ، وظهور لفظ الشرط في التبعيّة والارتباط لا ينافي ذلك ، فإنّ التبعيّة من جانبه موجودة وإن كانت من جانب العقد منتفية ، ويكون من هذا القبيل شرط الإحلال عند الصدّ في الإحرام ، وشرط الاعتكاف ، وشرط الخدمة في العتق ، ولذا لا تتوقّف فيها صحّة المشروط على صحّة الشروط ، ويكون المدار حينئذ على قصد المتعاقدين ، فإن قصدا الأوّل كان منه ، وإن قصدا الثاني كان منه وإن أطلقا حملا على الأوّل ، ويمكن بهذا أن يجعل النزاع لفظيّاً بين أهل القول الأوّل والقول الثاني بحمل أهل القول الأوّل على الثاني وأهل القول الثاني على الأوّل . قلت : لا ريب أنّ معنى الشرطيّة وظاهر اللفظ ينافي ذلك ، فإنّ المتبادر من الشرط هو ما يلزم من عدمه العدم ، لا مطلق الإلزام والالتزام ، ولا خصوص التابع منه للعقد ، ولا أقلّ من الشكّ ، والأصل عدم الاشتراط ، وعدم ترتّب أحكام الشرط وآثاره . على أنّه لو اُريد مطلق الإلزام والالتزام للزم أنّه لو اشترط عليه شيئاً ابتداءً أنّه يجب عليه الوفاء به ، ولا قائل به . وإن اُريد خصوص التابع للعقد كان تحكّماً ، على أنّ ظاهر الأصحاب في شروط النكاح وما كان بحكمها عدم الفرق في صحّة العقد وفساد الشرط بين أن يقصد المتعاقدان الشرط بالمعنى الأوّل أو الثاني أو مطلقاً ، بل ظاهرهم أنّ محلّ البحث حيث يقصد المعنى الأوّل ، فليس المستند إلاّ التعبّد بالدليل الخاصّ فيها ، كما أنّ أظهر أفراد النزاع فيما نحن فيه صورة الإطلاق أيضاً .
[1] الوسائل 15 : 30 ، ب 20 من أبواب المهور ، ح 4 .