المعتبرة عالمٌ بأحكام الله تعالى وطلباته بما لها من السعة ، فهو نفسه عالمٌ بها ، ولا ريب في أنّ له لعلمه بها منزلة رفيعة في الإسلام ، كما قال الكتاب الكريم : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أوْلُواْ الاَلبابِ ) [1] ، فدلّت الآية المباركة بذيلها على أنّ مقتضى العقل واللبّ أنّه لا يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون ، وعلى أنّ أولي الألباب عارفون به ذاكرون و متذكّرون به . هذا بالنسبة إلى نفس العالم . ولا ريب في أنّ العالم يهدي غيره إلى ما يعلمه ، سواء كان بتعليم وتدريس ، كما هو المتعارف المؤكّد عليه في الحوزات العلميّة الدينيّة المباركة - صانها الله عن الآفات - أو كان بتأليف ما تعلّم وأفتى به منها في كتاب ورسالة عمليّة ليكون تعليماً للفضلاء والباحثين عن أدلّة الأحكام وإدامةً للتدريس الشفاهيّ لهم في صورة كتاب ، ويكون مرجعاً لعامّة المسلمين الّذين يكون سبيلهم إلى تعلّم الأحكام هو الأخذ من المجتهدين العظام وتقليدهم . ومن الواضح أنّ تعليم الناس لأحكام الله تعالى وهدايتهم إليها له ثوابٌ عظيم وفضائل كثيرة . وعليه ، فالفقيه في الإسلام العزيز له مكانة سامية ودرجات من الفضل ، وقد تهيّأت له بإذن الله وإنعامه أسباب القرب منه تعالى بجهات مختلفة مع أنّ نفس علمه يوجب عليه أن يراقب نفسه لكي لا تزلّ قدمه في الحياة الدنيويّة ، ولا يقع في خطرات اتّباع هوى النفس ووساوس الشيطان الرجيم أعاذنا الله تعالى منها . فبعد ملاحظة عظم علم الفقه وشرفه وكرامة الفقيه في الإسلام العزيز فإنّ أصحابنا الكرام ومشايخنا العظام من زمن حضور المعصومين ( عليهم السلام ) إلى زماننا هذا قد أتعبوا أنفسهم في حفظ ما وصل إليهم من الأدلّة النقليّة والروايات المأثورة عن النبيّ والأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، وفي تأليف كتب رجاليّة يهتدي بها المتأخّر إلى وضعيّة رواة الحديث لكي يعرف المعتبر منهم من غيره ، وقد صرفوا أعمارهم المباركة في