المعطوف عليها خاصّة ، فتقع الجملة الإنشائيّة خبر المبتدأ فيكون عطف مفرد متعلَّقه جملة إنشائيّة ، أو يقال : انّ الجملة الَّتي لها محلّ من الإعراب لا حرج في عطفها كذلك ، أو تجعل الواو معترضة لا عاطفة ، مع أنّ جماعة من النّحاة أجازوا عطف الإنشائيّة على الخبريّة وبالعكس » . قلت : قال ما قال لأنّه زعم أنّ « نعم المعين » جملة إنشائيّة ، مع أنّه ليس كذلك ، فان « نعم » و « بئس » ليسا للإنشاء بل للأخبار كسائر الأفعال الماضية ، وانّما هما غير متصرّفين ، فان معنى « نعم الرّجل زيد » هو الاخبار عن كونه رجلا حسنا ، كقولك : « حسن زيد » ، ومعنى « بئست المرأة هند » هو الاخبار عن كونها قبيحة ، كقولك : « قبحت هند » . وأيضا يمكن أن يصدّق القائل بهما وأن يكذّب ، فيصحّ أن يقال لمن قال : « نعم الرّجل زيد » : صدق أو كذبت ، وهو شاهد كونه خبرا . وأيضا فالوجدان يشهد بأنّ قول « حسبنا اللَّه ونعم المعين » هو الاخبار عن كونه تعالى معينا حسنا ككونه معينا كافيا . وممّا يوضح كون « ونعم المعين » خبرا قوله تعالى * ( « إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وإِنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ » ) * [1] . فإنّه قطعا إخبار عن كون إبداء الصّدقات ذا حسن في حدّ ذاته وإخفائها أحسن منه ، فان « فنعمّا » في معنى « حسن » كما أنّ « خير » في معنى « حسن » و « أحسن » خبر « ان » جزما . فان قيل : انّ معنى كون « نعم » و « بئس » للإنشاء ، انّه ينشأ بهما المدح والذّمّ . قلت : هذا تخليط ، فان لازم إخبارك عن حسن رجل أو قبحه إنشاء مدحه أو ذمّه ، والمعتبر في الإنشاء والاخبار أصل المفاد لا لازمه ، فان قولك : « مدحت فلانا وذممت فلانا » خبر قطعا مع أنّ لازمه أنّك أنشأت مدحا أو ذمّا ، وحينئذ فما اشتهر من أنّ هذين الفعلين للإنشاء ممّا لا أصل