قائل : بالانفعال . قلت : الخبران لا دلالة فيهما ، أمّا الأوّل فالمراد به أنّه لا يلزم نزح جميع البئر بوقوع بول أو عذرة أو دم لأنّه واسع بمادّته فيكفيه نزح دلاء الَّا أن يتغيّر فينزح جميعه أو حتّى يطيب . وأمّا الثّاني فالمراد به أنّهم وان تيقّنوا بوقوع ميت فيها الَّا أنّهم لم يعلموا بكونه قبل الاستعمال فيهما فلعلَّه كان بعد ، فلا يجب غسل ثوب ولا إعادة صلاة ، وهذا واضح . ( ويطهّر القليل بما ذكر ) ( 1 ) أي ملاقاة الكرّ والجاري . وأمّا ما رواه الكافي في أوّل كتابه عن السّكونيّ ، عن الصّادق عليه السّلام « عن النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله الماء يطهّر ولا يطهّر » فالمراد لا يطهّر بغيره كما يطهّر غيره به فلا ينافي ، تطهيره بما ذكر . ( والبئر ينزح جميعه للبعير ) ( 2 ) الأصل في معنى النزح البعد ، قال في الجمهرة : « النازح البعيد ، ونزحت دار فلان نزوحا إذا بعدت » وفي الصّحاح « وقد نزح بفلان » إذا بعد عن داره غيبة بعيدة وأنشد الأصمعيّ : < شعر > ومن ينزح به لا بدّ يوما يجيء به نعيّ أو بشير < / شعر > وتقول : « أنت بمنتزح من كذا » قال ابن هرمة - يرثي ابنه - : < شعر > فأنت من الغوائل حين ترمى ومن ذمّ الرجال بمنتزاح < / شعر > وخطَّأه القاموس في كونه رثاء ابنه وأنّه في مدح جعفر بن سليمان القاضي ، وفي الأساس « إبل منازيح أي من بلاد بعيدة ، قال أبو ذؤيب : < شعر > وصرّح الموت عن غلب كأنّهم جرب يدافعها السّاقي منازيح < / شعر > وفي اللَّسان : وفي خبر سطيح « جاء من بلد نزيح » . وقال الجوهريّ : النزح بالتّحريك البئر الَّتي نزح أكثر مائها قال الشّاعر : < شعر > لا يستفي في النّزح المضفوف إلَّا مدارات الغروب الجوف < / شعر > قلت : وإذا كان الأصل في النّزح البعد فلا يحصل النّزح إلَّا من بئر بعيدة القعر لا يستقى منها بالميح بل بالمتح . وبعد ما شرحنا يظهر لك أنّ