بالتدريس في المسجد الهندي ، فقد أكبّ على الاستفادة من مجيئه الأفاضل ، حتّى تبيّن الانكسار في سائر مجالس البحث التي كانت معمورة في تلك الأيّام بالفضلاء والفحول ، فاجتمع في مبحثه زهاء ثلاثمائة منهم ، وهم مبتهجين مسرورين من قدومه وتوفيق الاستفادة من أنفاسه وأنواره . . » انتهى . سجاياه الحميدة : كان - رحمه اللَّه وطيّب رمسه - قد فرّغ نفسه للعلم والعبادة وتحامى الرئاسة ، ولو شاء ان يكون مرجعا للتقليد لرميت إليه منها المقاليد ، ولكنّه لفظ الدنيا لفظ النواة ورماها رمي الحجيج للحصاة ، ورأى الاجتناب عنها أولى ، وأن الآخرة خير له من الأولى . قال المحدّث الخبير الشيخ عباس القمي في فوائده الرضوية نقلا عن تكملة أمل الآمل للسيد حسن الصدر - قدّس سرّه - : « كان المترجم له - من خواصّ أصحاب سيّدنا الأستاذ المجدد وأهل مشورته في الأمور العامّة والمصالح النوعية الدينيّة إلى أن توفي سيّدنا الأستاذ في شعبان سنة 1312 ه ، فجاءه جماعة من الأفاضل الذين كانوا يعتقدون أنّه الأعلم بعد السيد الأستاذ وسألوه التصدّي للأمور ، فقال - رحمه اللَّه - أنا أعلم أني لست أهلا لذلك لأنّ الرئاسة الشرعيّة تحتاج إلى أمور غير العلم بالفقه والأحكام من السياسات ومعرفة مواقع الأمور وأنا رجل وسواسي في هذه الأمور ، فإذا دخلت أفسدت ولم أصلح ولا يسوغ لي غير التدريس ، وأشار عليهم بالرجوع إلى جناب الميرزا محمّد تقي الشيرازي - دام ظلَّه . . » انتهى . وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على علوّ همّته وزكاء نفسه وتمكَّن الإخلاص في قلبه ونواياه . ومن خصاله الحميدة الأخرى : تواضعه فقد نقل عنه الشيخ أبو المجد الأصفهاني - وهو ممّن تلمّذ على يديه - ما يؤكَّد هذا المعنى ، فقد قال في مقدّمة وقاية الأذهان ما نصّه « فسلك - السيّد المترجم له - مسلك أجداده الأمجاد ، وعاش فيها عيش