مقتضى قوله - عليه السلام - : « لا بيع إلَّا في ملك » كون البيع متوقّفا على الملك ، فلو توقّف الملك أيضا على البيع كما هو الفرض لزم الدور . فالجواب عن الأوّل أنّ في النفس حالتين : الكراهة والإرادة ، واللفظ يدلّ أوّلا على إرادة البيع مطابقة ، وفي طول هذه الدلالة المطابقيّة يدلّ التزاما على كراهة البيع الأوّل ، فهما دالَّان ومدلولان ، فاللفظ بذاته يدلّ على المدلول المطابقي وبوصف كونه دالَّا عليه يدلّ على الالتزامي . وأمّا عن الثاني فأوّلا نقول : المراد من البيع في قوله - عليه السلام - : « لا بيع إلَّا في ملك » هو البيع المسبّب أعني النقل والانتقال العرفي الخارجي الذي هو متأخّر عن الإيجاب والقبول ، ولا شكّ أنّه متأخّر عن حصول الملكيّة ، لأنّ الملك والفسخ يحصل بالإيجاب ، والبيع بهذا المعنى يحصل بعد القبول . وثانيا : سلَّمنا أنّ المراد به هو البيع السببي ، أعني : إنشاء البيع ولكن نقول : الحصر في قوله - عليه السلام - إضافي ، والمقصود نفي البيعيّة عمّا تداول في الناس من بيع مال الغير عن أنفسهم بمجرّد الاقتدار والسلطنة على الشراء من صاحبه ، ولهذا وقع الاستفسار في الأخبار في جواب السائل عن هذه القضيّة بقولهم - عليهم السلام . « أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك ؟ » [1] فإن قال : نعم جوّزوه ، وإلَّا أجابوا بهذه الكلمة وما يؤدّي مؤدّاها . والحاصل : أنّ البائع لمال الغير عن نفسه بعد عدم كونه بائعا عن المالك الكلَّي ، بل عن الشخصي حال البيع - والمفروض أنّه غير مالك - يتصوّر على أنحاء ، الأوّل : أن يكون قاصدا جدّا على نحو مجاز السكَّاكي وتنزيل نفسه منزلة المالك وهو في الغاصب .
[1] الوسائل : الجزء 12 ، الباب 8 ، من أبواب أحكام العقود ، ص 376 ، ح 4 .