وأمّا الحقّ فهو نوع سلطنة كخيار الفسخ وهو بذاته غير آب عن القيام بالمحلّ المتعدّد ، بمعنى أنّ الجاعل لو جعل خيار الفسخ على رأس واحد فلا محالة يكون قائماً بذلك الواحد ولا يزاحمه غيره ، ولو جعله على رأس كثيرين فلا محالة يكون كلّ صاحب سلطنة ، ولازم تعدّد المحلّ أنّه يزاحم كلّ صاحبه . ألا ترى أنّ الوجوب الكفائي وجوب واحد متعلَّق بالمتعدّدين وفعل كلّ واحد واجب نفسي لا مقدّمي ، ومع ذلك الواجب واحد ، ولهذا يسقط بإتيان الواحد ، وتعلَّقه بواحد ما أو بالمعيّن عند اللَّه أو الجامع خلاف التحقيق ، وكذلك إذا كان الأشخاص المتعدّدون على الماء الواحد الغير الكافي إلَّا لوضوء أحدهم ، فالجميع واجد أعني كلّ واحد واجد إلى أن يسبق أحدهم بالحيازة والصرف ، فالوجدان الشخصي صار مضافا إلى أشخاص كثيرين . ثمّ على تقدير الخيار للمجموع فإذا أجاز واحد منهم فإن كان راجعا إلى أنّه غير موافق للباقين لو فسخوا ، فلازم كونه جزءا لموضوع الخيار أن لا ينفذ فسخ الباقين ، لأنّ موافقته جزء الموضوع ، وإن كان راجعا إلى إسقاط حقّه حيث إنّه جزء الجمع الذي لهم الخيار فله إسقاط حقّ دخالته وانضمامه مع الباقين ، فإنّه ينتزع من الحقّ للمجموع حقّ لكلّ واحد بأن ينضمّ رأيه إلى رأي الباقين ويكون له الدخالة ، فإذا أسقط حقّ الدخالة لنفسه يصير الحقّ للباقين . ومن هنا يظهر وجه حكم المشهور على المحكيّ بأنّ عفو أحد الورثة عن حقّ الشفعة لا يوجب سقوطه عن غيره ، مع جريان ما ذكرنا في الخيار من ثبوت الحقّ للمجموع في الشفعة أيضا حرفا بحرف لاتّحاد المدرك في البابين ، فإنّه يقال في صورة كون مراد العافي إسقاط حقّ دخالة نفسه : إنّ لازم إخراج نفسه عن تحت الحقّ بقاء الحقّ للباقين ، نظير ارتفاع الوجوب عن بعض أبعاض المركَّب للحرج