في دفع هذا الاحتمال ، كما أنّه لو كان ذلك الدليل ، عرفت أنّه ما نافاه ، لتغاير الموضوعين كما أشار شيخنا - قدّس سرّه - إليه في هذا الباب وفي باب التعادل من أصوله . الثاني : أن يتعلَّق الحكم بالموضوع لا مقيّدا بالتجريد ، ولا بدخالته فيه ، والتسوية بين تمام العناوين العارضة على ذات الموضوع وإن لم تكن ملحوظة أيضا لكنّه بحيث يقبل التسوية المذكورة ، أعني قولنا : سواء كان كذا أو كذا أو كذا ، وهذا لو دلّ دليل على الحكم المضادّ في صورة عروض بعض العناوين كان منافيا مع الأوّل ، لاتّحاد الموضوع . ثمّ في هذا القسم الإطلاق بالنسبة إلى عوارض تطرأ على الموضوع ثابت ، فكلّ ما احتملنا دخالته في الموضوع بأن كانت المصلحة قاصرة بدون ذلك القيد أو الجزء ننفي احتماله بإطلاق الدليل ، ولكن بالنسبة إلى ما يطرأ الحكم فلا إطلاق له ، إذ لا يعقل إطلاق الحكم للحال المتأخّر منه ، ومنه وقوع المزاحمة بين امتثال التكليفين مثل إنقاذ الغريقين ، فنقول : تكليف « أنقذ » في كلّ واحد مطلق حتى حال اجتماعه مع الغريق الآخر بل ومحكوميّة الآخر بحكم « أنقذ » يعني لا دخل في مطلوبيّة إنقاذ هذا الغريق لعدم الغريق الآخر أو عدم حكمه . لا يقال : بعد فرض مشغوليّة الآخر بالحكم الإيجابي والمفروض عجز المكلَّف عن الجمع كيف يصحّ بعثه إلى الإنقاذ الآخر ؟ لأنا نقول : ليس هذا بعثا إلى عنوان الجمع بل كلّ من الأمرين يبعث نحو متعلَّقه خاصّة من غير نظر إلى متعلَّق الآخر ، ثمّ بعد تحقّق تكليفين ووقوعهما في حكم العقل محكومين بلزوم الامتثال يقع العبد في كلفة الجمع ، فهذا العنوان متأخّر عن نفس هذا التكليف ، ولا يمكن أن ينظر إلى الحالة المتأخّرة من نفسه .