مجعولا في السابق فليس الحال هكذا في ما نحن فيه ، فإنّه وإن كان متيقّنا لنا ولكنّه ليس بمجعول ، نعم يصحّ بناء على ما أشرنا إليه من عدم اللزوم وأنّه يكفي كونه متيقّنا لنا وإن لم يكن مجعولا . هذا تمام الكلام في تأسيس الأصل المرجع في هذا المقام ، ولا بأس بصرف عنان الكلام إلى أنّ المستفاد من كلمات شيخنا المرتضى - قدّس سرّه الشريف - في بيان معنى الاستثناء في الحديث الشريف ماذا ؟ فإنّه ربّما يخفى على بعض الأذهان . فنقول وباللَّه الاستعانة وعليه التكلان : للحكم بحسب مقام ثبوته قسمان : الأوّل : أن يتعلَّق بالموضوع في حال تجريد الموضوع عن جميع عوارضه وطوارئه ، مثل أن ننظر إلى ذات الغنم ونحكم عليه بالحليّة ، والتجريد في هذا النظر دخيل كدخالته في عروض محمول الكليّة على الطبيعة ، بمعنى أنّه لو فرض أنّ طارئا أخرج الغنم عن الحلَّية لا ينافي هذا الحكم ، لاختلاف الموضوعين . نظير ذلك في الإخبار ما إذا قال القائل : الرجل خير من المرأة ، ونظر إلى جنس الرجل في قبال جنس المرأة ، ثمّ اتّفق أنّه رأى في الخارج أشخاص الرجال موصوفين بالذمائم على خلاف الأشخاص الموجودين من النساء ، فلو قال : إنّي ما حكمت بخيريّة الأشخاص الأول من الثانية ، بل أنا أحكم بخيرية الثانية من الأولى ، لما كان منافيا لقوله الأوّل ، لأنّه نظر في الأوّل إلى الجنس المعرّى عن جميع الخصوصيات بحيث لم يتعلَّق إشارته إلَّا إلى أصل الطبيعة ، والتجريد وإن لم يلحظ قيدا معها ولكنّه في حكم القيد . ولازم هذا القسم من الحكم أنّه لو فرض عدم دليل على الحكم المضاد في العنوان الطارئ ولكنّا شككنا أنّه كان محكوما بالضد لما يكفي إطلاق هذا الحكم