واضحا علينا كونه منه - عليه السلام - ، فلم يكن - عليه السلام - فيه محتاجا إلى المشاحّة . ومنها : خبر فدك [1] بتقريب أنّه أنكر على أبي بكر أنّه طلب البيّنة منه - عليه السلام - في الدعوى عليه مع أنّه لا يطلبها من غيره - عليه السلام - عند الدعوى عليه ولو كان طلب البيّنة من المنكر أمرا منكرا لكان أولى بالمحاجّة . وفيه أنّ هذا الخبر على خلاف مقصود المستدلّ أدلّ ، فإنّ ظاهره أنّ أبا بكر لا يطلب من المدّعي عليه في غير مورد دعواه - عليه السلام - بيّنة ، فلم يطلبها منه ؟ يعني مع أنّه يعلم أنّ طلب البيّنة من المنكر لا يجوز ، ولهذا يعامل هكذا مع سائر الناس فلم يطالبها منه - عليه السلام - مع كونه منكرا . ثمّ إنّ هنا أخبارا تدلّ على عدم الاعتناء ببيّنة المنكر عند إقامة المدّعي للبيّنة بقوله - عليه السلام - في بعضها : حقّها للمدّعي ولا أقبل من الذي في يده بيّنة لأنّ اللَّه أمر أن يطلب البيّنة من المدّعي ، فإن كانت له بيّنة وإلَّا فيمين الذي هو في يده ، هكذا أمر اللَّه عزّ وجلّ « وهذا صريح في الاحتمال الثاني الذي قدّمناه من لغويّة بيّنة المنكر رأسا . فتكون هذه الأخبار مع الأخبار المتقدّمة الواردة في الرجوع إلى الحلف عند تعارض البيّنتين متوافقة في سلب عنوان الفاصليّة عن بيّنة المنكر ، بمعنى عدم إباء الطائفة الثانية عنه ، ويبقى تعارضها في مقام أصل الحجّية ، فصريح الطائفة الأولى نفيها ، وصريح الثانية إثباتها ، لكن لا يضرّ هذا بما نحن بصدده من عدم منافاة في هذه الأخبار ، لما استظهرناه من قوله : « البيّنة للمدّعي إلخ » من انحصار الفاصل في الأمرين على وجه التعيين ، هذا هو الكلام في حكم بيّنة المنكر في صورة الانفراد .
[1] الوسائل : الجزء 18 ، الباب 25 ، من أبواب كيفيّة الحكم والدعوى ، ص 215 ، ح 3 .