وهذا لا منافاة فيهما مع الخبر الثاني ، الحاكم بالرجوع إلى الحلف ، فإنّ السكوت عن الحلف فيهما لعلَّه كالجري المتعارف بين الفقهاء حيث يعبّرون كثيرا ما في مقام التعبير عن المنكر أنّ القول قوله ، مع أنّه لا محالة يحتاج إلى اليمين ، فالتعبير في الخبرين أيضا مناسب لأن يكون في مقام أنّ المنكر يقبل قوله ولكن مع يمينه . ومنها : عموم أخبار حجيّة البيّنة وعموم قوله : « إنّما أقضي بينكم بالبينات والأيمان » [1] وقد ظهر جوابهما فإنّ قوله : « البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر » [2] خصّص تلك العمومات ببيّنة المدّعي . ومنها : خبر حفص بن غياث [3] المشتمل على جواز الشهادة بالرؤية في اليد بأنّه ملكه ، وفيه : أنّه غير ما نحن فيه ، فإنّ كون الشهادة مستندة إلى اليد غير كونها لذي اليد ، فإنّ من الممكن أنّ الشاهد رآها في يد أحد المترافعين قبل الترافع ثمّ ترافعا وقد سقط العين عن يد من رآها الشاهد في يده . ومنها : خبر البغلة والسرج المشتمل على تسليم مولانا أبى الحسن موسى - سلام اللَّه عليه - البغلة لمن ادّعاها ، وأمره - عليه السلام - بأخذ السرج مستشهدا - عليه السلام - بأنّ عندنا البيّنة بأنّها سرج محمّد بن علي - عليهما السلام - [4] . وفيه أنّ الخبر غير ممكن الاستدلال ، فإنّه وارد في مقام حسن أخلاقه - عليه السلام - وعدم تشاحّه مع أهل الدنيا ، وامتناعه - عليه السلام - عن السرج ، لأنّه كان
[1] الوسائل : الجزء 18 ، الباب 2 ، من أبواب كيفيّة الحكم والدعوى ، ص 199 ، ح 1 . [2] مستدرك الوسائل : الجزء 17 ، الباب 3 ، من أبواب كيفيّة الحكم والدعوى ، ص 368 ، ح 4 . [3] الوسائل : الجزء 18 ، الباب 20 ، من أبواب الشهادات ، ص 250 ، ح 1 . [4] المصدر نفسه : الباب 24 ، من أبواب كيفيّة الحكم والدعوى ، ص 214 ، ح 1 .