الثاني : أن لا يكون له إلَّا الحلف وتكون بيّنته لغوا صرفا . والثالث : هو البرزخ بين الأمرين ، وهو أن لا تكون بيّنته فاصلا ولا لغوا ، بل كانت حجة ، ويظهر ثمرته أنّه عند وجودها ووجود بيّنة المدّعي توجب سقوط بيّنة المدّعي ، فإنّ الذي هو فاصل إنّما هو البيّنة التي لم تعارض بحجّة أخرى . وبعبارة أخرى ما هو الحجّة في غير مقام الترافع ، وهو غير المتزاحم بالحجّة الأخرى ، والمزاحمة باليد في سائر المقامات لو أضرّت ، ولكن علم في هذا المقام عدم إضرارها وإلَّا لم يبق مورد للبيّنة ، هذه احتمالات مقام الثبوت . أمّا بحسب مقام الإثبات ، فالظاهر من قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم : « البيّنة للمدّعي واليمين على من أنكر » - بمقتضى كون التفصيل قاطعاً للشركة - أنّ البيّنة حقّ للمدّعي ، ليس له اليمين ، واليمين وظيفة تعيينيّة للمنكر ليس له حقّ إقامة البيّنة . ثمّ هذا هو الوظيفة الأوّليّة ولا ينافي ثبوت اليمين في بعض الموارد للمدّعي بدليل خاصّ خارجي ، وليس بقبال هذا الظهور الذي صار محصّله أنّ البيّنة في مقام الترافع ليست فاصلة للخصومة لو أقامها المنكر إلَّا أخبار . منها : ما في بعضها من قوله : « فإن كانت - أي الدابّة - في يد أحدهما وأقاما جميعا بيّنة ، قال : أقضي بها للحالف الذي هو في يده » وهذا لا ينافي مع ما احتملناه أخيرا من كون البيّنة في جانب المنكر حجّة وليست كاليد ، وإن كانت لا تصلح لقطع الدعوى ، وفائدتها إسقاط بيّنة المدّعي عن الحجيّة والفاصليّة ، فيرجع إلى الحلف ، فإنّ الخبر ظاهر في كون الاستناد إلى الحلف لا إليه وإلى البيّنة . وبالجملة لا منافاة فيه مع الظهور الذي ادّعيناه في الخبر الأوّل . ومنها : خبران آخران ، وفيهما في فرض الخبر الثاني أنّه بعد إقامتهما البيّنة قضى الأمير أو قضى رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليهما وآلهما - للذي هي في يده ،