نعم يبقى عليه حينئذ الإشكال الأوّل . فتحصّل من جميع ما ذكرنا : أنّه إن كان المدرك للخيار هنا دليل الضرر فاللازم القول بالتراخي سواء قيل بعذرية الجهل على تقدير القول بالفور أم لا ، وإن جعل المدرك هو الإجماع فإن جعل الجهل عذرا ، فلا يمكن كون الخيار فوريّا ، لما ذكر من استلزامه المحذور ، وإن لم يجعل الجهل عذرا فاللازم حينئذ القول بالتراخي أيضا لكن من باب الاستصحاب ، أعني : استصحاب الخيار . ثمّ على القول بالفور لا إشكال في عدم اعتبار الفوريّة العقليّة ، لاستلزامها الحرج على المكلَّف ، وإذا صار الشارع بمقام رفع الضرر عن المكلَّف إرفاقا به لا يوقعه في الحرج ، لأنّه نقض الغرض ، بل المعتبر هو الفور العرفي ، لكن لو كان مشغولا بصلاة نافلة أو أكل أو قضاء حاجة ، فهل له التأخير إلى الفراغ ، وكذا لو اطَّلع على الغبن في الليل فله التأخير إلى الصباح ؟ لا يبعد أن يقال بالتفصيل بين ما إذا أمكن له الفسخ مع التوسّل به إلى تحصيل ماله على حسب الموازين الشرعيّة بلا عسر وحرج ، كأن يكون العدلان حاضرين في المجلس فيجب حينئذ المبادرة العرفيّة ، فلا يجوز التأخير إلى الفراغ عن الأكل أو الصلاة أو قضاء الحاجة كالخروج من الحمام ، وبين ما إذا لم يمكن ذلك بسرعة ، وإنّما يحتاج إلى مضيّ زمان لأجل إحضار العدلين ، فإنّ مجرّد إمكان قول « فسخت » لا يدفع الضرر والعسر ، فإنّه ربّما ينجرّ ذلك إلى الاختلاف ، فينكر الطرف وجود الفسخ منه ، والمفروض عدم إمكان إقامة البيّنة عليه ، وليس ممّا لا يعلم إلَّا من قبله ومن الأمور القلبيّة الباطنيّة كالعلم والجهل حتى يسمع دعوى من يدّعيها . ولا يمكن للمنكر أيضا اليمين ، لأنّه غير عالم ، فيبقى المرافعة بلا فصل