في الزمان الثاني أو نفيه ، فإنّ المجرور إلى هذا الحين كان عامّا غير مخصّص ومن هذا الحين صار عامّا مخصّصا ، والاختلاف في المجرور لا يوجب الاختلاف في ما مدلوله الجرّ ، فليس هذا تقييدا في الإطلاق أصلا . إن قلت : سلَّمنا ذلك ولكن نقول : الجرّ في القضيّة العامّة مستلزم للجرّ في أجزاء هذا العموم أعني : الآحاد وقد سلَّمت أنّه لو كان مفاد المقدّمات ابتداء جرّ أحكام الآحاد تمّ الاستدلال ، فما الفرق بين كون ذلك مفادها ابتداء أو بالمآل بواسطة الاستلزام ؟ قلت : هذا أيضا كالإشكال الأوّل لا وقع له بعد البيانات المتقدّمة ، فإنّ قضيّة المقدّمات على ما عرفت ليست بأزيد من ثبوت الحكم العمومي الذي هو النظام لشتات الأفراد من دون تكفّل لما عداه ، فأصالة الجدّ فيه إنّما هي في قبال ارتفاع هذا المعنى بأن لم يكن العموم في الزمان الثاني ، وأمّا بعد إجراء أصالة الجدّ في مفاد الإطلاق يحصل لنا حكم عمومي قابل للتخصيص فنحتاج إلى أصالة جدّ آخر في هذا العموم بالنسبة إلى كلّ فرد منه ، فإذا اختلَّت الأصالة المذكورة بالنسبة إلى فرد فليس المصحّح لها أصالة الجدّ في المفاد الأوّلي . وبالجملة : لا تكفّل في الإطلاق بحال الأفراد أصلا إلَّا بالأعمّ من الجدّ والتوطئة الذي هو المحتاج إليه في تأليف العموم ، وأمّا تعيين أنّه الجدّ أو التوطئة فمحتاج إلى أصل آخر جار في العموم الفردي ، فإذا بطل الأصل بورود الدليل المخصّص فلا مقتضى بعد انقضاء الزمان المتيقّن لدخول الفرد ولا لخروجه . هذا حال التمسّك بالعموم وقد عرفت عدم تماميّته ، وأمّا التمسّك بعد ذلك باستصحاب حكم الخيار للقول بالتراخي ، فقد استشكل فيه أيضا شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - والمانع المتصوّر من جريانه أمران : أحدهما : عدم وحدة الموضوع المعتبرة في الاستصحاب كما يظهر من كلام