المقترض بعد ذلك ، وقد يكون في نوع الواقعة كما في ما نحن فيه وأمثاله . ففي القسم الأوّل : إن نهض في قبال المدّعي منكر فلا إشكال في يمين المنكر ، وإن لم ينهض بقبالة منكر وكان مدّعيا بلا معارض جزمي وإنّما يقول الخصم : أنا لا أعلم اشتغال ذمّتي لك ، ومقتضى الأصل براءتها ، فحينئذ فالمورد ممّا ليس فيه بيّنة بالفرض ولا يمين لأنّ الخصم شاكّ حسب الفرض ، فلا طريق إلى حسم النزاع . وأمّا القسم الثاني : فإن كان في البين منكر بطريق الجزم ، فقد تقدّم أنّ القاعدة تقتضي حسم النزاع بيمينه ، وأمّا إن لم يكن منكر بل ادّعى عدم العلم ، ولم يدّع الطرف أيضا علمه ، فحينئذ يمكن القول بتقديم قول المدّعي مع حلفه بمقدمتين : الأولى : أنّ كثرة أمثال هذه الموارد في الخارج تورث قطع الإنسان بعدم رضي الشارع بترك المخاصمة بحالها بلا فاصل وحاسم ، لاستلزامه تضييع الحقوق الكثيرة . لا يقال : أنّى لنا بهذا القطع ومن الممكن رفع النزاع بدون جعل الفاصل ، فإنّ الحاكم شاك في الواقعة فهو أيضا يكون محكوما بأصل براءة ذمّة من يدّعي المدّعي مديونيّته ، فهذا الأصل يجوز له الحكم والإلزام ظاهرا بإسكات المدّعي ورفع يده عن المخاصمة . ألا ترى أنّه لو كان مع المدّعي أمارة حجّة مطلقة ، كاليد كما في قضية مولاتنا الزهراء - سلام اللَّه عليها - ترتفع المخاصمة بإرجاع الطرف الشاك إلى الامارة ؟ لأنّا نقول : هذا الحكم إنّما هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمعتبر فيهما هو المنكر عند الفاعل والمعروف كذلك ، ألا ترى أنّه لو كان مائع