( يصالح ) بعد ظهوره فيما يرادف لفظة ( آشتى ) في الفارسية ، لا بدّ من حمله على صورة الجهل بالمقدار من باب كونه محقّقا لمصداق هذا المفهوم ، كما إذا قيل : من يصالح كذا ، فإنّه محمول على صورة تحقّق المحقّقات ، لكن في الروايتين الأخيرتين كفاية . وعلى هذا فلا بدّ من حمل لفظ المصالحة الواقع في الرواية على غير ما يتبادر منه وهو مطلق جعل القرار على الشيء ، سواء كان مربوطا برفع خصومة حاصلة أو دفع خصومة متوقّعة أم لم يكن كذلك . ولا يخفى أنّه على هذا يصير قسيما لتمام العقود وأعمّ موردا وأكثر نفعا من جميعها ، وذلك لأنّه كما يجري في موارد تمامها - لأنّ القرار والمواضعة والاصطلاح متمشّ في الجميع - يجري أيضا في مثل إسقاط الدعوى الذي لا يجري فيه غيره . وأمّا وجه القسيميّة ، فلأنّ البيع مثلا إنشاء الملكيّة بعوض ، والهبة إنشاء الملكيّة مجّانا ، والإجارة إنشاء الملكيّة للمنفعة بعوض ، ولكنّ المنشأ الأوّلي هنا هو القرار والتوافق ومتعلَّقه نفس العين أو المنفعة ، نعم لازم ذلك هو التمليك ، وأمّا العوض وهو مدخول ( باء ) فيكون مقابلا لنفس القرار ، فلو فرض أنّه أراد إنشاء نفس التمليك ابتداء وجعل العوض مقابلا لنفس المملوك ، خرج عن عنوان الصلح . لا يقال : على ما اعترفت به من تبادر معنى المسالمة والإغماض بعد الخصومة من اللفظة ، فلا تصير الرواية مصادمة لهذا الوجدان القطعي . وعلى فرض الشك فإعمال أصالة الحقيقة في مثل المقام ممّا يكون المراد معلوما مبنيّ على مذهب السيّد المرتضى - قدّس سرّه - وقد ارتضيتم في محلَّه خلافه ، فالتمسّك بالروايات لا يفيد في تعيين حال معنى اللفظة .