الكلام بذكر الرجل الذي عنده مال فإنّ الظاهر إسناد ( يصالحه ) إليه . وعلى هذا فتقريب الاستدلال : أنّ المصالحة من طرف المديون مع فرض معلوميّة أصل الدين ومقداره لا تتحقّق بمعنى رفع اليد عن الخصومة إلى العفو والمسالمة ، لأنّه حينئذ إمّا لا يدفع تمام الدين ، وإمّا يدفع بعضه فقط ، وعلى كلّ حال فالعفو من طرف الدائن ، لأنّه يتجاوز على سبيل التخيير عن أخذ ماله إمّا بالتمام أو ببعضه ، وأمّا المديون فبالنسبة إلى البعض الغير المدفوع لا تجاوز منه كما هو واضح ، وكذا بالنسبة إلى البعض المدفوع ، لأنّه في دفعه مريد لاستخلاص رقبته واستفراغ ذمّته ، وأيّ تجاوز وفتوة في ذلك ؟ نعم بالنسبة إلى من لا يقنع بأحكام الشرع ويسلك سبيل الظلم والتعدّي علانية يمكن التجاوز ، إلَّا أنّ الكلام في غير مثل هذه الخصومات ممّا كان له ولو في الظاهر طريق ، لا ما كان من محض الظلم . وبالجملة : لا يتحقّق في الفرض المذكور الصلح القراري إلَّا من جانب الدائن ، وأمّا كون ذلك كافيا لصحّة الإسناد إلى المديون بملاحظة أنّه مورد هذا الصلح ، ففيه ما عرفت من أنّ المتحقّق من قبله ليس هو ما يقال له في الفارسيّة : ( آشتى ) و ( سازگارى ) . نعم يتحقّق ذلك في ما إذا كان مقام الإثبات مشكوكا إمّا في أصل الدين وإمّا في مقداره ، فتراضيا على مقدار معين ، فإنّ العفو والإغماض حينئذ من طرف المديون بملاحظة أنّه يحتمل براءة ذمّته رأسا أو عمّا يوازي هذا المقدار ، ومن طرف الدائن بملاحظة أنّه يحتمل الاشتغال بأزيد منه ، وهذا واضح . لكنّ المفروض في الروايتين الأخيرتين المفروغيّة عن مرحلة الإثبات من كلتا الجهتين ، نعم تحتمل الرواية الأولى الجهل بالمقدار ، فيمكن أن يقال فيها بأنّ لفظ