السماء ) غير مقرون بالجدّ ، ومن المعلوم احتياج التأثير إليه . لأنّا نقول : الجدّ وعدمه إنّما ينتزعان من كون الإنشاء بداعي ترتّب الأثر الذي يفيده الإنشاء بحسب طبعه وكونه لا بهذا الداعي كما هو الحال في ( بعت السماء ) ، ومن المعلوم أنّ المقصود من الإنشاء في المقام ترتّب الأثر أعني : وقوع المعاوضة بين المالين التي هي المصالح عليها ، فالمقام حاله حال الآمر الذي إنشاؤه الأمر بداعي إيجاد المتعلَّق ، لكن لا لغرض في المتعلَّق وشوق نفساني منه إلى حصوله ، بل كان حصوله وعدمه سيّان عنده ولكن تعلَّق غرضه بنفس إنشاء الأمر بداعي تحريك المخاطب ، فلا شبهة أنّ هذا الأمر والبعث جدّي وملزم للامتثال عقلا ، فكما أنّه غير مشتاق إلى الفعل ولكنّه طالب له بغرض التحريك الذي هو الأثر الطبعي للطلب ، كذلك هنا أيضا ليس مصداق الصلح الحقيقيّ في النفس حاصلا ، ولكنّه منشئ له بالصيغة بغرض أثره الطبعي الذي هو الانتقال مثلا . لكن هذا على مذاق من يقول بالوجود الاعتباري على نحو ما يقوله القائل المذكور ، وأمّا على ما هو الحقّ من أنّ المنشئ أبدا مظهر عن المعنى في ضميره وبتبع هذا الإظهار قد يتحقّق عنوان حقيقيّ واقعيّ ، فلا يتمشّى إنشاء الصلح إلَّا مع سبق النزاع أو ترقّبه . ونحن وإن قلنا بأنّ الإرادة في صورة عدم الشوق نحو الفعل المراد يمكن أن تصير مخلوقا للنفس لأجل المبادي في نفسها ، ولكنّها مع ذلك لا يمكن بالنسبة إلى فعل غير مقدور كالطيران ، والبناء القلبي على الصلح أيضا من هذا القبيل ، فلا يمكن تمشّيه لأجل مصلحة في نفسه كما لا يتمشّى إرادة الطيران . وإذن فلا محيص إلَّا عن تعميم معنى الصلح ولو عند الشارع بأن علم من دليل خارجيّ أنّ المصالحة التي جعل لها الأثر في الشرع أعمّ من هذا الذي في