ثمّ إنّه يظهر من المحقّق الطباطبائي - قدّس سرّه - في هذا المقام من تعليقته تفصيل آخر في المسألة حاصله : أنّ جعل الخيار للأجنبيّ تارة من باب التوكيل ، وأخرى من باب التحكيم ، وإذا كان من باب التوكيل فقد يكون للموكَّل أيضا خيار وقد يكون لخصوص الوكيل ، فأوجب في صورة التوكيل مراعاة المصلحة وذكر في صورة التحكيم مثل ما قلناه . قال شيخنا الأستاذ - دام علاه - : صحّة اشتراط الوكالة للأجنبيّ بعد جعل الخيار لنفسه مبنيّة على كون الوكالة شرطا على الموكَّل وإلَّا فلو اعتبر اشتراطها على طرفه فلا معنى لهذا الاشتراط ، فإنّ صاحب الحقّ يصحّ له جعل الوكالة ، ولو كان ضررا على صاحبه وليس لرضى صاحبه وقبوله في ذلك مدخل ، وإنّما الدخيل قبول الوكيل ، والحال أنّ المطلوب من الاشتراط حصول إلزام والتزام لولاه لم يحصل ، وهذا إنّما يتحقّق في جانب الموكَّل فإنّه غير ملزم على الثبات لو عقد صيغة الوكالة مستقلَّا ، وأمّا إذا ألبسه صورة الاشتراط تنجّز عليه البقاء والدوام . وحينئذ فنقول : طبع الوكالة آب عن قبول اللزوم - بمعنى عدم تأثير العزل في زوالها - فإنّ حقيقتها متقوّمة ببقاء الموكَّل على نصبه وتوكيله ، فإذا رجع وعزل فلا وكالة ولا تفويض ولا إيكال قهرا ، وحينئذ فلا بدّ أن نقول ببطلان هذا الشرط ، فإنّ دليل الشرط إنّما يكون مصبّه الأمور القابلة للزوم والبقاء بعد رجوع الشارط عن شرطه . اللَّهمّ إلَّا أن يقال : إنّ مفاد الدليل ابتداء إنّما هو التكليف ، والوضع إنّما ينتزع بتبعه فإذا لم يكن للوضع مجال بواسطة ما ذكرت من عدم القابلية لا يوجب هذا أن لا نأخذ بظاهر الدليل من إثبات التكليف وحده ، وحينئذ فنقول بحرمة العزل تكليفا ، وإن كان ينعزل لو عصى وعزله .