وقد تنظَّر في صحّة الأخيرين شيخنا الأستاذ - دام أيّام بقاه - بأنّ متعلَّق الحقّ بعد الإلزام حسب الفرض وهو العقد باق بحاله ، إذ الفرض أنّه لم يؤخذ في موضوع الحقّ سوى وجود العقد بلا قيد آخر ، وحينئذ فانقطاع يد الآخر بواسطة هذا الإلزام ليس إلَّا بالتصرّف في إطلاق نفوذ حقّ الآخر وأنّه غير نافذ في صورة وجود هذا الإلزام . لا يقال : ليس تصرّفا في نفوذه ، بل في موضوعه فإنّ موضوعه ليس مطلق العقد بل العقد القابل للانفساخ وهذا الإلزام يوجب خروج العقد عن القابلية . لأنّا نقول : كلَّا ، فإنّ العقد بعد باق على القابلية للانفساخ ولهذا يجوز التقايل ، فلا قصور في ناحية قابلية العقد فيتمحّض في جانب نفس الحقّ فيصير الشرط من هذه الجهة خلاف الشرع ، نعم له تضييق موضوع الحقّ بأن يجعل موضوعه العقد الذي لم يرد عليه إمضاء من صاحبه وحينئذ فكلّ من الفسخ والإمضاء تقدّم كان هو المؤثّر دون ما تأخّر . ثمّ إنّه هل يجب على الأجنبي مراعاة المصلحة للجاعل ؟ قيل : نعم والحقّ أنّ هذا تابع لجعل الجاعل ، فإن جعله مستقلَّا في الأمر ومختارا تامّا فله ما يشاء ولو كان فسادا بحال الطرفين . نعم يمكن دعوى أنّ الظاهر من شاهد حال من يجعل الأجنبيّ ذا خيار على معاملته كونه في ذلك متّكلا على خبرويّته ونظره ، وأنّه في ذلك يقوم مقام نفسه في رعاية جانبه وملاحظة صلاحه بحيث يوجب هذا المعنى انصرافا في عالم الإثبات إلى ثبوت التقييد في موضوع الجعل ، فالمجعول هو الخيار الخاص أعني ما روعي فيه المصلحة للجاعل وإلَّا فإن صار من قبيل الحيثيّة التعليليّة مع الإطلاق في مقام الجعل والإنشاء فلا ينفع ، وهذا واضح .