الخامس : أنّ الفسخ إعدام العقد وجعله كأن لم يكن ، فهو متمشّ في صورة التلف ، وأمّا التضمين فلأجل اليد ، وفيه أوّلا : الفرق بين الفسخ والبطلان ، والأوّل متقوّم بالطرفين دون الثاني ، ألا ترى أنّ حلّ البيعة لا يعقل مع عدم بقاء أحد الشخصين ؟ فحال المالين هنا حال الشخصين هناك ، إن قلت : فعلى هذا يلزم أنّه لو تلف أحد العوضين لم يكن العقد باقيا ، قلت : معنى بقائه بقاء آثاره كما يقال : الوضوء باق ، بملاحظة أثره . وثانيا : معنى جعل العقد وآثاره كأن لم يكن أن يكون تلف كلّ من المالين على مالكه الأصلي ، لأنّ هذا أثر عدم العقد ، والتالف في يد الغير إذا كان حال التلف ملكا للشخص يوجب الضمان لا إذا صار ملكا بعد التلف في يده . وبالجملة : فتحقّق ممّا ذكرنا أنّ القول بأنّ حقّ الخيار متعلَّق بالعقد دون العين - ولهذا له اعتبار حال التلف ويوجب تضمين صاحب التالف - يدور أمره بين هذه الوجوه التي عرفت أنّ كلَّها باطلة ، فلا محيص عن بطلانه . وهنا مسلك آخر وهو أن يقال بالتفصيل بين تلف ما عند ذي الخيار وغيره ، بجواز الفسخ والضمان في الثاني وعدمه في الأوّل ، أمّا في الأوّل فلما عرفت من عدم موجب للضمان ، وأمّا في الثاني فالعرف مساعد على أنّ لذي الخيار علاقة وحقّا في العين ، ألا ترى أنّه لو أتلف غير ذي الخيار لا يقولون بانقطاع يد ذي الخيار وعدم تدارك ما فات منه بشيء ؟ فهذا دليل على أنّهم يرون له في العين علاقة وحقّا هو أورث ضمان المتلف . وحينئذ نقول : قاعدة « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي » عامّة لكلّ يد استولت على مال الغير أو حقّه ، فإنّه لا اسم فيها من مال الغير ، بل تعمّ مال نفس الأخذ إذا فرض له عهدة للغير ، كما في المال المرهونة لو أخذها الراهن ، فإنّه