فأي اختصاص لدليل لا حرج بباب التكاليف ؟ مع أنّه لا أظنّ أحدا منهم التزم في مثل المثال بثبوت الخيار كما ترى جريان السيرة العرفيّة في مثله على عدم الخيار ، وعلى فرض ما ذكرنا من عدم الاختصاص فلا يبقى وجه لما طال التشاجر فيه فيما بينهم من كيفيّة تصوير الغبن من الطرفين فإنّه على هذا في غاية السهولة ، إذ يمكن كون أحدهما متضرّرا ماليا والآخر متضرّرا حاليّا ، فيكون كلّ منهما ذا خيار . بقي الكلام في دفع الإشكال عن تصوير غبن الطرفين . والذي أفاده الأستاذ العلَّامة - دام أيّام إفاداته الشريفة - في وجهه أن يقال : يمكن فرض ذلك في ما إذا اختلفت ماليّة العين باختلاف أيدي المالكين ولو في محلّ واحد كما هو المشاهد في الأدوية المجلوبة من الإفرنج حيث إنّها في أيدي الأشخاص المعدّين لبيعها مقوّمة بأكثر منها إذا كانت في أيدي غيرهم ، وذلك لعدم الاحتياج إلى تفتيش المفتّش في أيدي الطائفة الأولى والاحتياج إليه في أيدي الثانية . وعلى هذا لو كان قيمة دواء خمسة وعشرين في يد بيّاع الدواء وعشرة في يد الغير فغبنه الغير واشترى بعشرين فحينئذ كلّ منهما مغبون ، أمّا الأوّل فلأنّه باع بأنقص من القيمة السوقيّة ، وأمّا الثاني فلأنّه اشترى بأزيد من العشرة التي هي القيمة السوقيّة في حقّه ، والانتقال من القيمة العليا إلى السفلى وإن كان بواسطة القبض لا صرف إنشاء المعاملة ولكن يكفي في غبنيّة المعاملة بالنسبة إلى المشتري حدوث الضرر من ناحية القبض الذي هو من توابع المعاملة ، هذا . مسألة : بعد ما عرفت استفادة خيار الغبن من دليل « لا ضرر » فهل المستفاد منه كون المبدأ من حين العقد أو كونه من حين الاطَّلاع على الغبن ؟ قد يقال بالثاني ، نظرا إلى أنّ الدليل المذكور مسوق للمنّة ولا منّة بالنسبة إلى