نام کتاب : الإجتهاد والتقليد نویسنده : السيد رضا الصدر جلد : 1 صفحه : 315
ولا يعدّ خافياً على أحد أنّه لا يجوز الحكم بالفسق على الصفة التي تسقط عزّة الموصوف بها عن القلوب ، بل إذا نفي عن الموصوف بها كمال العقل أولى من أن تنفي عنه العدالة . وقريب لما ذكره الفخر ما عن الشهيد ( قده ) : « إنّ المروءة تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثالها » [1] . ثمّ اعلم أنّ المنافي للمروءة لا يختصّ بالأفعال كما توهم الأمثلة المذكورة في كلمات القوم ، بل يعمّ الأقوال التي تسقط عزّة فاعلها عن القلوب . فإذا تبيّن معنى المروءة نقول : الحقّ عدم اعتبار المروءة في العدل زائداً على الكفّ عن الآثام ؛ لأنّه يلزم من اعتبارها فيه أن يكون الرجل عادلًا في بلد أو عند قوم ، وليس بعادل عند الشرع في بلد آخر وعند قوم آخر ، مع اتّحاد في أفعاله الشرعيّة ، ولا يجوز اجتماع النقيضين عند الشرع . مضافا إلى ذلك أنّ لازم اعتبار وصف المروءة في العادل ارتفاع وصفي العادل والفاسق عمّن يصلح للاتّصاف بكلّ منهما إذا كان كافّ عن الآثام ، دون منافيات المروءة مع أنّ العدالة صفة للشخص باعتبار نفسه ، واتّصافه بها غير تابع لمعرفة أحد بذلك ، فللعدالة وجود واقعي ثبوتي غير تابع لوجودها العلمي الإثباتي ، ولذلك جعلت من ناحية الشرع أمارات لمعرفتها عند الجهل بها ، بخلاف صفة المروءة فإنّ ثبوتها عين إثباتها ، ووجودها العيني تابع لوجودها العلمي ، وافتراض وجودها مخفيّاً عن الغير فرض لاجتماع النقيضين . سيّما أنّ المروءة أمر يظهر بمجرّد المعاشرة ، فلا تحتاج إلى أمارة منصوبة لمعرفتها ، وهذا هو الحال في جميع الأوصاف التي تكون موجوديّتها تابعة لمعلوميّتها . ويلزم من اعتبار الاجتناب عن منافي المروءة في العدالة أن يكون صدور فعل واحد في المحضر مضرّاً بالعدالة ، لكنّه إذا صدر في الخلوة يكون غير مضرّ ، فيصير حكم الخالق تابعاً لحكم المخلوق !