نام کتاب : الإجتهاد والتقليد نویسنده : السيد رضا الصدر جلد : 1 صفحه : 314
مريداً إرشاد قومه وإسعادهم يجب أن تكون له مثل هذه السيرة . مضافاً إلى أنّه قد ورد عنه التزامه بترك منافيات المروءة ، فلم ير على غائط قطَّ وما شابه ذلك من محاسن الأوصاف وفضليات الآداب ، وفسّر الماتن منافيات المروءة بما يدلّ على عدم مبالاة مرتكبها بالدين . ويرد عليه : أنّ هذا المعنى كيف يكون زائداً على معنى العدالة ؟ فالعادل الذي حصلت له ملكة الكفّ عن الذنوب هل يمكن أن يكون غير مبال بالدين ، حتّى يصير اعتبار المروءة أمراً زائداً على وصف العدالة ؟ بل ذلك المعنى نفس العدالة دون غيرها . ومن المعلوم : أنّ فرض وجوب العدالة من دون المبالاة بالدين فرض لاجتماع النقيضين ، فهل يكون العدل غير مبال بالدين ؟ والحقّ في تفسير المروءة ما ذكره فخر الدين في الإيضاح من أنّها : اجتناب ما يسقط المحلّ والعزّة من القلوب ، ويدلّ على عدم الحياء ، وعدم المبالاة من الاستنقاص [1] . إذن ، إنّ المروءة ليست بصفة واقعيّة ، بل هي أمر اعتباري يختلف حسناً وقبحاً باختلاف الأزمان والبلاد والأشخاص والأشغال وسنيّ العمر ، بل يختلف أيضاً بحسب اختلاف النظَّار ، فلا سبيل إلى الحكم عليها بالحسن المطلق ، وعلى منافياتها بالقبح المطلق . نعم ، هناك أوصاف منافية للمروءة ، ربّما تكون قبيحة عند جميع الناس في جميع الأحوال . قال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام : « المروءة أن لا تطمع فتذلّ ، ولا تسأل فتقلّ ، ولا تبخل فتشتم ، ولا تجهل فتخصم » فقيل : ومن يقدر على ذلك ؟ فقال عليه السلام : « من أحبّ أن يكون كالناظر في الحدقة ، والمسك في الطيب ، وكالخليفة في يومكم هذا في القدر » [2] .