لم يترجّح أقواهما تساقطا ويبقى حكم الأصل سالماً من المعارض . وفي نظري القاصر أنّ هذا محل نظر ، لأنّ ما ذكر من أنّ المفهوم انتفاء الرجحان مع عدم التحريم فيحتمل الإباحة إن كان مع قراءة التخفيف ، والتشديد على تقدير كون تطهّر بمعنى طهر ، فلا بد من إرادة الإباحة ، لا مجرد احتمال الإباحة ، وعلى تقدير إرادة الإباحة يكون تأكيداً ، والتأسيس بأن يراد الرجحان على تقدير التطهير أولى ، وحينئذٍ فلا بد من بيان رجحان التأكيد على التأسيس ، والتسليم المذكور يأتي فيه الكلام بعينه ، ويزيد أنّ الحمل على المعنى اللغوي يدل على زيادةٍ على الإباحة المستفادة من مفهوم الغاية ، فلا يتّحد الحكم ، وإن أُريد أنّ الطهارة بالمعنى اللغوي في الأوّل والأخير ويكون تطهّر بمعنى طَهُر رجع إلى الأوّل من جهة الاتّحاد ويخالف المطلوب أوّلًا من إرادة الخروج من الحيض . ثم التسليم الثالث لا يتم ، لأنّ التطهير إذا أُريد به الغُسل والطهر الأوّل يراد به الخروج من الحيض فلا تعارض ، ولو أُريد بالأوّل الغُسل لم يتم ، كما لا يخفى . فإن قلت : على تقدير أن يراد الأوّل ويرجّح التأكيد على التأسيس لتوافق القراءتين أيّ مانع منه ؟ قلت : ما ذكرت له وجه ، إلَّا أنّه لا بدّ من بيانه في المعارضة ، على أنّه ربما يشكل بأنّ المتقدم كون قراءة التشديد محتملة لكونها بمعنى التخفيف ، ولكون النهي بعد الخروج عن الحيض والنهي للكراهة ، وعلى تقدير الأوّل يمكن تمام ما ذكرت ، أمّا على التقدير الثاني فتكون الكراهة منتفية بعد الغُسل ، فإمّا أن يباح الوطء بمعنى تساوي الطرفين ، أو يكون راجحاً ، لكن الثاني لا وجه له لعدم ما يدل عليه ، فيكون مباحاً متساوي