وثانيا : أنّ التشديد إذا وقع بمعنى عدمه كان أقرب لتوافق القرائتين معنًى ، من حيث كون النهي عن حالة المحيض في القرائتين ، ويؤيّد بأنّ سبق العلم بالتحريم وإن حصل بالأمر بالاعتزال ، إلَّا أنّ تأكيده يفيد [1] المبالغة المطلوبة في عدم المباشرة ، وإن كان التأسيس خيراً منه في بعض الأحيان ، لا مطلقا . ومن هنا يعلم أنّ ما قاله المحقق في المعتبر : من أنّه لو قيل : قد قُرئ بالتضعيف في * ( « يَطْهُرْنَ » ) * قلنا : فيجب أن يحمل على الاستحباب توفيقاً بين القراءتين ودفعاً للتنافي بينهما [2] . ( إن كان غرضه ما قررناه أوّلًا كما هو الظاهر محل بحث ، ويمكن الجواب بأنّ القراءتين إذا اتحدتا مآلًا كفى والأمر متحقق ) [3] . ثم إنّ المستدل بما قدّمناه نفى المعارضة بقوله تعالى * ( « فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ » ) * [4] حيث شرط في إباحة الوطء التطهير الذي هو الغُسل ، بأنّ مفهومه انتفاء رجحان الوطء مع عدم التطهير ، وهو أعمّ من التحريم ، فيحتمل الإباحة . سلَّمنا أنّ الأمر هنا للإباحة لكن يمنع إرادة الغُسل من التطهير بل يحمل على الطهر ، لوروده بمعناه كما تقدم . أو على المعنى اللغوي المحقق بغَسل الفرج . سلَّمنا أنّ المراد بالتطهير الغُسل ، لكن نقول : مفهومان تعارضا ، فإن
[1] في « فض » : يقيد ، وفي « رض » : بعيد . [2] المعتبر 1 : 235 . [3] ما بين القوسين ليس في « رض » . [4] البقرة : 222 .