أو دعوى لا يكون فيها سبب فعل محرم ؛ مثل دين ثابت في الذمة من ثمن بيع ، أو قرض ، أو صداق ، أو دية خطأ ، أو غير ذلك . فكل من القسمين قد يكون دعوى حد لله عز وجل محض ؛ كالشرب والزنى ، وقد يكون حقاً محضاً لآدمي ؛ كالأموال ، وقد يكون فيه الأمران ؛ كالسرقة ، وقطع الطريق . فهذان « القسمان » إذا أقام المدعي فيه حجة شرعية ، وإلا ؛ فالقول قول المدعى عليه مع يمينه لما روى مسلم في « صحيحه » عن ابن عباس ؛ قال : قال رسول الله ( ص ) : « لو يُعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه » ، وفي رواية في « الصحيحين » عن ابن عباس : أن النبي ( ص ) قضى باليمين على المدعى عليه . فهذا الحديث نص أن أحداً لا يُعطى بمجرد دعواه ، ونص في أن الدعوى المتضمنة للإعطاء تجب فيها اليمين ابتداءً على المدعى عليه ، وليس فيه أن الدعاوى الموجبة للعقوبات لا توجب إلا اليمين على المدعى عليه ؛ بل ثبت عنه ( ص ) أنه قال للأنصار لما اشتكوا إليه لأجل قتيلهم الذي قُتل بخيبر ، وهو عبد الله ابن سهل ، فجاء إلى النبي ( ص ) أخوه عبد الله وأبناء عمه حويصة ومحيصة وكان محيصة معه بخيبر ، وقال : « أتحلفون خمسين يميناً وتستحقون قاتلكم ؟ » . قالوا : وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر ؟ ! قال : « فتبريكم يهود بخمسين يميناً ؟ » . قالوا : وكيف نأخذ بأيمان قوم كفار [1] ؟ أخرجه أصحاب الصحاح والسنن جميعهم ؛ مثل البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي . وفي رواية في « الصحيحين » قال : « يقسم خمسون منكم على رجل منهم ، فيدفع برمته » .
[1] انظر : « صحيح البخاري » ( كتاب الأدب ، باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال ، 6142 ) ، ومسلم ( كتاب القسامة والمحاربين ، باب القسامة ، رقم 1669 ) .