منكر ، وعن الجهاد في سبيل الله إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه ، أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى ، بل من جهة التكليف ونحو ذلك . وهذا الورع قد يوقع صاحبه في البدع الكبار ؛ فإن ورع الخوارج والروافض والمعتزلة ونحوهم من هذا الجنس ، تورعوا عن الظلم وعن ما اعتقدوه ظلماً من مخالطة الظلمة في زعمهم ، حتى تركوا الواجبات الكبار من الجمعة والجماعة والحج والجهاد ونصيحة المسلمين والرحمة لهم ، وأهل هذا الورع ممن أنكر عليهم الأئمة ، كالأئمة الأربعة ، وصار حالهم يذكر في اعتقاد أهل السنة والجماعة . الجهة الثانية من الاعتقاد الفاسد أنه إذا فعل الواجب والمشتبه وترك المحرم والمشتبه ؛ فينبغي أن يكون اعتقاد الوجوب والتحريم بأدلة الكتاب والسنة وبالعلم لا بالهوى ، وإلا ؛ فكثير من الناس تنفر نفسه عن أشياء لعادة ونحوها ، فيكون ذلك مما يقوي تحريمها واشتباهها عنده ، ويكون بعضهم في أوهام وظنون كاذبة ، فتكون تلك الظنون مبناها على الورع الفاسد ، فيكون صاحبه ممن قال الله تعالى فيه : { إنْ يَتَّبِعونَ إلاَّ الظَّنَّ وما تَهْوَى الأنْفُسُ } [1] ، وهذه حال أهل الوسوسة في النجاسات ؛ فإنهم من أهل الورع الفاسد المركب من نوع دين وضعف عقل وعلم ) [2] * * *
[1] النجم : 23 . [2] « مجموع الفتاوى » ( 20 / 137 - 140 ) .