قوله : ( إنا ، ونحن ) ونحو ذلك في القرآن : هذا من مجاز اللغة ، يقول الرجل : إنا سنعطيك ، إنا سنفعل ؛ فذكر أن هذا مجاز اللغة . وبهذا احتج على مذهبه من أصحابه من قال : إن في « القرآن » مجازاً ؛ كالقاضي أبي يعلى ، وابن عقيل ، وأبي الخطاب ، وغيرهم ، وآخرون من أصحابه منعوا أن يكون في القرآن مجاز ؛ كأبي الحسن الخرزي ، وأبي عبد الله بن حامد ، وأبي الفضل التميمي بن أبي الحسن التميمي ، وكذلك منع أن يكون في القرآن مجاز محمد بن خويز منداد وغيره من المالكية ، ومنع منه داود بن علي ، وابنه أبو بكر ، ومنذر بن سعيد البلوطي وصنف فيه مصنفاً . وحكى بعض الناس عن أحمد في ذلك روايتين ، وأما سائر الأئمة ؛ فلم يقل أحد منهم ولا من قدماء أصحاب أحمد : إن في القرآن مجازاً ، لا مالك ولا الشافعي ولا أبو حنيفة ؛ فإن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز إنما أشتهر في المئة الرابعة ، وظهرت أوائله في المئة الثالثة ، وما علمته موجوداً في المئة الثانية اللهم إلا أن يكون في أواخرها ، والذين أنكروا أن يكون أحمد وغيره نطقوا بهذا التقسيم قالوا : إن معنى قول أحمد : من مجاز اللغة ؛ أي : مما يجوز في اللغة أن يقول الواحد العظيم الذي له أعوان : نحن فعلنا كذا ، ونفعل كذا ، ونحو ذلك . قالوا : ولم يرد أحمد بذلك أن اللفظ استعمل في غير ما وضع له . وقد أنكر طائفة أن يكون في اللغة مجاز ، لا في القرآن ولا غيره ؛ كأبي إسحاق الإسفراييني ، وقال المنازعون له : النزاع معه لفظي ، فإنه إذا سلم أن في اللغة لفظاً مستعملاً في غير ما وضع له لا يدل على معناه إلا بقرينة ؛ فهذا هو المجاز وإن لم يسمه مجازاً ، فيقول من ينصره : إن الذين قسموا اللفظ حقيقة ومجازاً قالوا : « الحقيقة » هو اللفظ المستعمل فيما وُضع له ، « والمجاز » هو اللفظ المستعمل في غير ما وُضع له ؛ كلفظ الأسد والحمار إذا أريد بهما البهيمة أو أريد بهما الشجاع والبليد ، وهذا التقسيم والتحديد يستلزم أن يكون اللفظ قد